أسرار صناعاتهم في العمارة والفنون الفرعية؛ ولعل أهم مظهر لهذا الطور والطرز الأسباني الذي ينسب إلى المدجنين أو المسلمين الذين دخلوا خدمة المسيحيين بعد زوال دولة العرب؛ وقد نشأ هذا الطرز في طليطلة واشتغل الصناع (المدجنين) بزخرفة الكنائس ودور الخاصة في أنحاء أسبانيا، ونبغوا في الفنون الفرعية كصناعة الخزف والمنسوجات والنقش على الأخشاب، وكانت لهم في ميدان العمارة آثار تذكر، وأهمها قصر أشبيلية ' الذي بنوه سنة ١٣٦٠ والذي ظل مقرا للأسرة الملكية حتى إعلان الجمهورية منذ سنوات فأصبح متحفاً يعجب الزائرون بعمارته العربية وبما جمعه ملوك أسبانيا من تحف جمهورية منذ سنوات فأصبح متحفا يعجب الزائرون بعمارته العربية وبما جمعه ملوك أسبانيا من تحف إسلامية نادرة.
أما الحروب الصليبية فلا يعنينا من نتائجها إلا أنها كانت كالأندلس وجزيرة صقلية وسيلة إلى نزاع دائم تتبعه علاقات متواصلة بين المسيحية والإسلام، وأوجدت هذه الحروب منفذاً لتجارة الجمهوريات الإيطالية الناشئة كجنوا والبندقية وبيزا، وكان من النتائج العملية لتأسيس المملكة اللاتينية في بيت المقدس نمو تجارة هذه الجمهوريات وإنشاء معاقل لها في الشرق الأدنى.
وإن صح القول بأن الأندلس وجزيرة صقلية لعبتا الدور الأكبر في نشر الثقافة الإسلامية في المغرب، وان فضل الحروب الصليبية في هذا الميدان لم يكن كبيراً نظراً لأنه لم يكن في الشام في عصر الحروب الصليبية مدينة تعادل مدينة الأندلس أو صقلية فضلا عن أن هذه الحروب لم تكن مرتعاً خصيباً للدرس والتحصيل وتبادل الثقافة، نقول إن صح ذلك في ميدان العلوم والآداب فإنا نعتقد أن الدور الذي لعبته الحروب الصليبية في نقل الصناعات والفنون الإسلامية إلى أوربا خطير لا يستهان به. ولعل استعمال الرنوك عند أمراء المسلمين في الحروب الصليبية كان أكبر عامل في تطور علم الرنوك والأشعرة عند الغربيين فأصبحت له اصطلاحاته الدقيقة وقواعده الثابتة؛ وكانت الحروب الصليبية أيضا وما تبعها من انتشار التجارة الغربية السبب فيما فعله البنادقة من صك نقود ذهبية للتعامل مع المسلمين وعليها كتابات عربية وآيات قرآنية فضلاً عن التاريخ الهجري، وظل هذا حتى احتج البابا أنسونت الرابع سنة ١٢٤٩.