وكأنهم يؤثرون الإيمان على الحياة. ما أبرع الأستاذ توفيق الحكيم حين صوره في شخص المؤدب غالياس!
أظنك لا تريدني على أن ألخص لك القصة فهي مطبوعة تستطيع أن تقرأها بل يجب أن تقرأها فما ينبغي لمثقف في الأدب العربي أن يجهل هذا الأثر الأدبي البديع.
ولكن وكم أنا آسف للكن هذه. وكم كنت أحب ألا احتاج إلى إملائها. ولكن في القصة عيبان. أحدهما يسوؤني حقا ومهما ألم فيه الكاتب فلن أؤدي إليه حقه من اللوم، وهو هذا الخطأ المنكر في اللغة. هذا الخطأ الذي لا ينبغي أن يتورط فيه كاتب ما فضلا عن كاتب كالأستاذ توفيق الحكيم قد فتح في الأدب العربي فتحا جديداً لا سبيل إلى الشك فيه. أنا أكبر الأستاذ، وأكبر قصته، وأكبر (الرسالة) عن أن أقف عند هذه الأغلاط القبيحة التي يمس بعضها جوهر اللغة ويمس بعضها النحو والصرف ويمس بعضها الأسلوب وتركيب الجمل. ولا أتودد في أن أكون قاسيا عنيفا وفي أن أطلب إلى الأستاذ في شدة أن يلغي طبعته هذه الجميلة وان يعيد طبع القصة مرة أخرى بعد أن يصلح ما فيها من الأغلاط. وأنا سعيد بأن أتولى عنه هذا الإصلاح إن أراد. ولعل ما سيتكلفه من الطبعة الثانية خليق أن يعضه وأن يضطره إلى أن يستوثق من صوابه اللغوي فيما يكتب قبل أن يذيعه بين الناس.
أما العيب الثاني فله خطره ولكنه على ذلك يسير لأن القصة هي الأولى من نوعها كما يقولون. هذا العيب يتصل بالتمثيل نفسه فقد غلبت الفلسفة وغلب الشعر على الكاتب حتى نسي أن للنظارة حقوقا يجب أن تراعى فأطال في بعض المواضع، وكان يجب أن يوجز. وفصّل في بعض المواضع وكان يجب أن يجمل، وتعمق في بعض المواضيع وكان يجب أن يكتفي بالإشارة. ولعله يوافقني على أن من الكثير على النظارة أن يستمعوا في الملعب لهذه القصة الجميلة جدا، الطويلة جدا التي تقصها برسكا على غالياس وهي تودعه وقد اعتزمت أن تموت في الكهف مع عشيقها القديس.
هذا العيب عظيم الخطر لأنه يجعل القصة خليقة أن تقرأ لا أن تمثل. وأنا حريص أشد الحرص على أن تمثل هذه القصة، واثقا كل الثقة بأن تمثيلها سيضع يد الأستاذ على ما فيها من عيب فني وسيمكنه من اتقاء هذا العيب في قصصه الأخرى ومن إصلاحه في هذه