الحائرين) بعض النظريات لبطليموس وجلينوس اليونانيين
وكذلك ورد في دلالة الحائرين بحث في منزلة المعتزلة والأشعرية مما يدل على أنه درس المذاهب الإسلامية دراسة وافية
وكان السبب المباشر في نشر كتابه دلالة الحائرين إلحاح تلميذه يوسف بن عقنين عليه، ويقول موسى بن ميمون في مقدمته إلى تلميذه: أيها التلميذ العزيز، لما مثلت لدي وقصدت إلى عظم شأنك لشدة حرصك على الطلب، ولما رأيت في أشعارك التي وصلتني وأنت مقيم بالإسكندرية من شدة الاشتياق للأمور النظرية، وقبل أن أمتحن تصورك قلت لعل شوقه أقوى من إدراكه، فلما قرأت علي ما قرأته من علم الهيئة وما تقدم لك مما لا بد منه، زدت بك غبطة لجودة ذهنك، وسرعة تصورك، ورأيت شوقك للتعليم عظيما فتركتك للارتياض فيه لعلمي بمآلك ولما قرأت علي ما قرأته من صناعة المنطق تعلقت آمالي بك، ورأيتك أهلا لأن تكشف لك أسرار الكتب النبوية حتى تطلع منها على ما ينبغي أن يطلع عليه الكاملون، فأردت أن ألوح لك تلويحات وأشير لك بإشارات، فرأيتك تطلب مني الازدياد وأن أبين لك أشياء من الأمور الإلهية أن أخبرك بمقاصد المتكلمين وطرائقهم. . . وآمرك أن تأخذ الأشياء على ترتيب قصدا مني أن يصح لك الحق بطرقه لا أن يقع اليقين بالعرض؛ ولم أمتنع طول اجتماعك بي إذا ما ذكر نص من نصوص الحكماء فيه تنبيه على معنى غريب من تبيان ذلك لك، فلما قدر الله بالافتراق، وتوجهت إلى حيث توجهت أثارت مني تلك الاجتماعات عزيمة كانت فترت وحركتني غيبتك لوضع هذه المقالة التي وضعتها لك ولأمثالك، وقليل ما هم، وجعلتها فصولا منثورة وكل ما أكتب لك منها يصلك أولا فأولا ودمت وأنت سالم. . .
ولم يقصد موسى بمصنفه هذا الجمهور أو المبتدئين بالنظر، بل كان نصب أعينه (جماعة الذين أخذوا أنفسهم بالكمال الإنساني وإزالة هذه الأوهام السابقة من سن الطفولة) أو إنه (ما ألف الكتاب إلا لمن تفلسف وعرف ما قد بان من أمر النفس وجميع قواها. . . . .) أو (لمن هو كامل في خلقه ودينه ونظر في علوم الفلسفة وعلم معانيها. . . . .)
أما عن غرض تأليف دلالة الحائرين فيقول المؤلف: ما كان الغرض نقل كتب الفلاسفة. . . وما كان قصدي أن أؤلف شيئا في علم الطبيعة، أو أن ألخص معاني العالم الآلهي على