عنف وشدة، حتى صاروا في الشعر أعلام هذه المدة من العصر العباسي، وضعف شأن الشعراء الذين كانوا من أصل عربي، إذ جمدوا في شعرهم على نعرتهم العربية، وعنايتهم بتفخيم لفظ الشعر وتجويد صناته أكثر من عنايتهم بتثقيفه وتهذيبه، والتفنن في معانيه وأغراضه، وقد عاد شأن هؤلاء الشعراء إلى الظهور حينما ظهر أبو تمام والبحتري وأضرابهما من الشعراء الذين تأثروا بأصلهم العربي، وأخذوا يعودون بالشعر إلى سنته القديمة
ولعل هذا الاسم (عصر الثورة العباسية) هو الاسم الذي يجدر أن تسمى به تلك المدة من ذلك العصر، فهو خير مما يسمونها به (صدر الدولة العباسية) وكثير منهم لا يراعي ما يمتاز الأدب به في هذه المدة عما بعدها من هذا العصر، فيجعل العصر العباسي كله عصرا واحدا، ويجري في هذا على ما كانوا يعتادونه من تقسيم عصور الأدب العربي إلى أقسام سياسية محظة، تتبع قيام الدول العربية وسقوطها، ولا تتأثر بغيرهما في بدئها ونهايتها، وقد كان أعلام الشعر في هذه المدة هؤلاء الشعراء الثلاثة - بشار - أبو نواس - أبو العتاهية - فلنوازن بينهم فيها.