لذلك يعود الربيع كل عام فيفتح للناس هوة الماضي، ويفتح لبنك مصر وحده باب المستقبل، فينمو نمو النبات بركة على بركة، ويتضاعف تضاعف الحياة شركة بعد شركة، ويجذب الوجود المصري معه إلى السبيل التي يأمن فيها الفناء ويخرج منها إلى العافية!
بعد ثمانية أيام يحتفل المصريون بمرور خمسة عشر ربيعاً على مولده؛ وسيكون هذا الاحتفال المرتقب حجة لمصر أو حجة عليها! فإذا أجمعت على أن يكون احتفالها بعيده احتفالاً بنهضتها به وحياتها فيه، دلت الناس على جدارتها بفضله، وعرفانها بجميل أهله، واطرادها مع الكفاية والجد في سبيله، وإلا كان احتفالها بهذا العيد العظيم كاحتفالها اليوم بشم النسيم. تحتفل فيه بالفسيخ والعرق والعهر، ثم لا تعبأ بجمال الطبيعة في جنة ولا نهر!