للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المال فأعتزم أن يجده فكان. لا بد أن تعلم الدنيا خطورة خمائره هذه في الحياة. ولم تلبث الدنيا أن علمت بخطورتها

استيقن من تجاربه السابقة إن تلك العصى الصغيرة تحيل الكسر إلى حامض اللبن وعندئذ قام في نفسه إن الدنيا لا بد بها الألوف من أشباه هذه العصى تجري ألوفاً من أشياء هذه التحويلات وتأتي بأمور أكبر وأخطر من هذه منها الضار ومنها النافع. (إن هذه الخمائر التي أرانيها مجهري في أحواض البنجر السليمة، هي هي التي تخرج من السكر كحولاً. وإنها لخمائر كذلك تلك التي تخرج من الشعير جعة. وإنها لا شك خمائر تلك التي تخرج من عصير العنب خمراً. أنا بالطبع لم أثبت هذا بعد ولكني أعلم أنه صواب سيأتي إثباته). ومسخ نظارته في سرعة وصعد إلى معمله في بشر وخفة. فلا بد له من تجارب ليثبت لنفسه صدق الذي يقول لا بد من تجارب ليثبت للدنيا صدق ما يزعم. فالعالم لم يكن أمن بعد بالذي قاله

وكان ممن عارضه الألماني ليبج شيخ الكيمياء وسيدها وأميرها: (. . . ليبج يقول إن الخمائر لا دخل لها في تحويل السكر إلى كحول. ليبج يدعى أنه لا بد من وجود زلال في السائل وان هذا الزلال ينحل ويتهدم فيهدم السكر معه فيتكسر إلى كحول). واعتزم بستور أن يدحض رأي ليبج وفي ساعة برقت في خاطره بارقة، حيلة ماكرة تجربه بسيطة واضحة تقهر ليبج وكل من يشد أزره من هؤلاء الكيميائيين الذي يسخرون من هذه الخلائق المكرسكوبية الصغيرة ويهزؤون بما تقوم به من عظائم الأمور

(يجب علي أن أزرع هذه الخمائر في محلول من السكر لا زلال فيه. فإذا هي أحالت السكر إلى كحول إذن فعلى ليبج وعلى نظرياته العفاء). وامتلأ عناداً وامتلأ تحديا فقد كادت تنقلب هذه الخصومة العلمية إلى خصومة شخصية. جاءته الفكرة الجميلة للرد على خصيمه ولكن الفرق واسع بين الفكرة تخطر في الرأس وبين الفكرة تنفذ في المعمل فأنى له بطعام خلو من الزلال وهذه الخمائر اللعينة شبت على النعمة واعتادت مذاق كل لذيذ مرئ. أخذ بستور يدور في معمله ثم يدور يبحث عن طعام يطيب لهذه الخمائر وقضى على هذا أسابيع حتى فرغ جهده وضاق صدره. وفي ذات صباح وقع له حادث غير منظور فتح له ما استغلق عليه

<<  <  ج:
ص:  >  >>