المشرق، الذي كف في عينيه جمال زوجاته، وفيهن حيرا وديون ولا تونا.
ووقف الإله المشدوه يقدم رجلاً ويؤخر أخرى، وسمر مكانه، وهو سيد الآله، يعبد عبدته الصغيرة التي أبدعتها يداه. . وهو لا يدري!
وعول على اغتنام الفرصة، وأقسم ليملأن وطابه استمتاعاً لا يضيره ألا يكون بريئاً، ولذاذة ليس به أن تكون نقية خالصة. . . (أنا سيد أرباب الأولمب، وكل ما بين لابتيك أيتها الأرض لي؟، وقد اشتهيت هذه الجميلة الخبيثة فمن الذي يجرؤ أن يحجزها عني أو يمنعها مني!. . . .؟)
ثم بد له ألا يزعجها بالظهور لها في سيماه الحقيقية فينخلع قلبها وتطير نفسها، لأنها ستكون منه تلقاء إله فتحول في لمحة إلى فتى يافع ينهل الشباب في برديهن ويترقرق الصبي في أعطافه، وتشع عيناه صبوة وفتوناً. وتقدم إليها فحياها تحية كلها صفاء وكلها دعة، فحيت بأحسن منها، ولقيته أرضى لقاء. . .
وجلس يحدثها وتحدثه، وكان الإله المحتال يمزج أحاديثه بالسحر، ويزخرف صوته بالموسيقى، ويعسل ابتساماته بالمحبة، ويطلق في نظراته كل ما وسعه من شياطين الهوى، وكان ما ينفك يقترب منها ويقترب، حتى لامس ذراعه ذراعها، فأخذ يدها الصغيرة البضة بين كفيه الحارتين، وطفق يضغط قليلاً قليلاً. . .
وصمتا هنيهة. . . ثم فرغ طور اللسان، وبدأت نوبة العين، وأخذا في رشفات وقبل. . .
وعاد أدراجه إلى الأولمب، ولما يزر من أطراف الأرض غير هذه الناحية الحبيبة التي سعد فيها لحظة بيو، وظل منذ ذلك اليوم يتردد إليها فيلقاها على أنها كأسه الروية التي تبترد بها غلته، وتلقاه على أنه حبيب أسعدتها فينوس به، وما درت قط أنه كبير الآلهة ورب الأرباب. . .
وكان يتحرق إلى لقائها، وكانت تتسلى عنه بقمرها الفضي، فإذا سعدت منه بزورة، اندغمت عبادتها للطبيعة في عبادتها له، وأذهلتها نشوة الحب عن الدنيا وما فيها!
وأحست حيرا ببعض ما يشغله، ولحظت أنه صادف عنها، فأيقنت أن لابد من أمر، وأن في الأمر أنثى، وأن في الأنثى صبابة وغراماً، فبثت العيون ورصدت الرقباء، حتى وقفت من شأنه على كل شئ!