للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسجد صلاة العصر لحضور درس الشيخ؛ وكان الناس كالحب المتراصف على العنقود لا أدري من ساقهم وجمعهم؛ كأنما علمت الكوفة أن رجلاً مسلماً كفر بالله كفرة صلعاء، وأنه سيحضر درس الشيخ وسيحضر الشيخ من أجله، فهبت الرياح الأربع تسوق أهلاها إلى المسجد من أقطارها.

وجلس الشيخ مجلس الحديث فقال:

روينا أن رجلاً كانت به جرأحة، فأتى قرناً له فأخذ مشقصاً فذبح به نفسه؛ فلم يصل عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) وترك جنازته مطرودةً تقتحم متلفة الآخرة كما اقتحمت متلفة الدنيا!

روينا في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعن نفسه يطعن نفسه في النار، والذي يقتحم يقتحم في النار!.

روينا عنه (صلى الله عليه وسلم): (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة!)

روينا عنه (صلى الله عليه وسلم) قال: (كان رجلا به جراح فقتل نفسه، فقال الله: بدرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة!).

قال الشعبي: يقول الله: (بدرني عبدي بنفسه) أي بدرني وتأله في أخر أنفاسه لحظة ينقلب الي، فكان مع ظلمه مغرورا أحمق!.

بدرني وتأله حين ضاق، فهور نفسه في الموت من عجزه أن يمسكها في الحياة، فكان عاجزا مع ظلمه وغروره وحمقه!

بدرني وتأله على جهله بسر الحياة وحكمتها، فلم يستح هذا المخلوق الظالم المغرور في حمقه وعجزه وجهله - لم يستح أن يجيئني في صورة إله!

بدرني وتأله، فطبع نفسه طابعها الأبدي من غي وتمرد وسفاهة، وأرسلها إلى مقتولة يردها علي

بدرني وتأله، كأنما يقول: أن له نصف الأمر ولي النصف، أنا أحييت وهو أمات. . .!

بدرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة!

قال الشعبي: وإنما تحرم الجنة على من يقتل نفسه، إذ ينقلب إلى الله وعلى روحه جناية يده ما تفارقها إلى الأبد؛ فهو هناك جيفة من الجيف مسمومة أبدا، أو مخنوقة أبدا، أو

<<  <  ج:
ص:  >  >>