فقال: وهل يمكن في ظنك أن يصدق كل هذا؟ أنسلم بهذه النتائج كلها - وهي مع ذلك ناتجة فيما ظهر من الزعم بأن الروح انسجام؟
فقال: كلا ولا ريب
قال: وأيضاً، أي عنصر بين الأشياء البشرية تراه مسيطراً، سوى الروح، والروح الحكيمة بنوع خاص؟ أترى بينها مثل ذلك العنصر؟
- حقاً أني لا أرى
وهل الروح على اتفاق مع رغبات الجسد، أم هي وإياها في خلاف؟ فمثلا عندما يكون الجسد ظمآن ساخناً، أفلا تصدف الروح بنا عن الشرب؟ وعندما يحس الجسد جوعاً، أفلا تصدفنا عن الأكل! وذلك وأحد فقط من عشرة آلاف من أمثلة التضاد بين الروح وبين أشياء الجسد
- جد صحيح
ولكن سبق منا اعتراف بأن الروح ما دامت انسجاماً، فلا يمكنها أن تنطق بإشارة لا تتفق مع الأوتار التي تألفت هي منها، من حيث حالات التوتر والاسترخاء والتموج وسائر المؤثرات، أنها تتبعها فقط، ولا تستطيع أن تقودها؟
فقال: نعم؛ إنا اعترفنا بذلك يقيناً
- ومع ذلك فلسنا نرى الآن أن الروح تفعل الضد تماماً - فهي تقود العناصر التي يظن أنها تتألف منها، وهي في معظم الأحوال تعارضها وتقهرها طيلة الحياة بكل ما أمكنها من سبل
وقد تكون معها أحياناً أشد عنفاً بأن ترغمها على آلام الأدوية والألعاب، ثم قد تعود فتكون وإياها أرق وداعة، وهي في ذلك تتهدد بل وتزجر الشهوات والعواطف والمخاوف، كأنما هي بذلك تتحدث إلى شئ غير نفسها، كما يصور لنا هوميروس أو ذيسيوس في الأوذيسة بهذه الكلمات:
لقد ضرب على صدره لكي يؤنب قلبه:
يا قلب صبراً، فيا طالما احتملت أسوأ من ذلك شراً)
أفتظن هوميروس قد تأثر حين سطر هذا بالفكرة القائلة إن الروح انسجام، وأن رغبات