للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمد بن عبد الجبار بن الحسن النفري، أحد صوفية القرن الرابع الهجري، توفي سنة ٣٥٤ أو بعدها بقليل. وينسب إلى قرية نفر إحدى قرى العراق، وهي مدينة نبور البابلية القديمة

ويقال إن أبا الشيخ كان جوالا في البراري لا يستقر في مكان، ولا يسكن إلى إنسان، وأنه توفي بإحدى قرى مصر

ولم ينبه ذكر الشيخ بين رجال الصوفية، ولم تذع كتبه بين الناس. وقد ذكره محي الدين بن العربي في كتاب الفتوحات، والشعراني في الطبقات الكبرى، ولكن المأثور من أخباره قليل

وللشيخ النفري كلمات في التصوف، طائفة منها تبدأ بقوله: أوقفني على كذا، والأخرى تبدأ بقوله: خاطبني. وقد جمع ابن بنته كلماته في كتابي المواقف والمخاطبات اللذين نشرهما صديقنا العلامة اربري

وخير تعريف للكتابين أن اعرض على القارئ بعض كلماتهما، فهذه شذرات من المواقف، وفي العدد الآتي ننقل شذرات من المخاطبات

وسيرى القارئ إن هذا الكتاب بدع من كتب التصوف، وأنه من الأدب الصوفي الذي لا يعرف نظيره:

موقف العز

أوقفني في العز وقال لي:: لا يتسقل به من دوني شيء، ولا صلح من دوني لشيء، وأنا العزيز الذي لا يستطاع مجاورته، ولا ترام مداومته. أظهرت الظاهر وأنا اظهر منه، فما يدركني قربه، ولا يهتدي إلى وجوده. وأخفيت الباطن وأنا أخفى منه، فما يقوم عليّ دليله، ولا يصبح إليّ سبيله

وقال لي: أنا اقرب إلى كل شيء من معرفته بنفسه، فما تجاوزه إليّ معرفة، ولا يعرفني أين تعرفت إليه نفسه

وقال لي: لولاي ما أبصرت العيون مناظرها، ولا رجعت الأسماع بمسامعها.

وقال لي: لو أبديت لغة العز لخطفت الإفهام خطف المناجل، ودرست المعارف درس الرمال عصفت عليها الرياح العواصف

<<  <  ج:
ص:  >  >>