وتبرهن على صحته، ويدفع بها عن الشبهات. فهذه العلوم يجب أن يتعلمها العالم الديني ويتعلم منها القدر الضروري لما يوجه إليه
قد تغيرت في العالم طرق عرض السلع التجارية، وأصبح الإعلان عنها ضرورياً لنشرها وترغيب الناس فيها. ولديكم الحوانيت القديمة ومخازن التجارة الحديثة، فقارنوا بينها تدركوا ما في طريقة العرض الحديثة من جمال يجذب النفوس إليها وما في طريقة العرض القديمة من تشويه ينفر الناس منها. وقد توجد في الحوانيت القديمة سلع أحسن صنفاً وأكثر قيمة وأمتن مادة، ومع ذلك فهي في كساد
وكما تغيرت طريقة عرض السلع تغيرت طريقة عرض العلم، وأحدث العلماء طرائق تبعث الرغبة الملحة في العلم، وتنفي عنه الملل والسأم
حدثت هذه الطرق في إلقاء الدروس والمحاضرات، وحدثت في تأليف الكتب أيضاً. وهذا المثل ينطبق علينا. ففي جميع الكتب التي تدرس في الأزهر، وفي جميع العلوم التي تدرس في الأزهر، أعلاق نفسية لا تحتاج إلا إلى تغيير طريقة العرض في الدرس والتأليف، وفي الفقه الإسلامي نظريات تعد الآن أحدث النظريات عند رجال القانون، وفي الفقه الإسلامي آراء يمكن أن يسير عليها الناس الآن من غير حرج، وهي تحقق العدالة في أكمل صورها. ولكن هذه النظريات البالغة منتهى الجمال والحكمة يحجبها عن الناس أسلوب التأليف القديم
على الأزهر أن يسهل فهم علومه على الناس، وان ييسر لهم هذه المعارف وأن يعرضها عرضاً حديثاً جذاباً مشوقاً
ومسألة أخرى يجب أن يعنى الأزهر بها: هي تطهير الدين الإسلامي من البدع، وما أضيف إليه بسبب الجهل بأسراره ومقاصده. فهناك آراء منثورة في كتب المذاهب وفي غير كتب المذاهب يحسن سترها ظناً بكرامة الفقه والدين
ومن الواجب أن يعترف بأن المذاهب الإسلامية جملة تغني عن الاجتهاد في المسائل التي عرضت من قبل متى تخير العلماء منها وأذكر قصة طريفة تجدونها في كتاب الولاة والقضاة للكندي:
(كان في مصر قاضٍ شافعي المذهب في عصر الإمام الطحاوي. وكان يتخير لأحكامه ما