للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يرى إنه محقق للعدل من آراء الأئمة ولا يتقيد بمذهب. وكان مرضي الأحكام لم يستطيع أحد أن يطعن عليه في دينه وخلقه. سأل ذلك القاضي إمام الطحاوي عن رأيه في واقعة من الواقعات فقال الطحاوي: أتسألني عن رأي أو عن رأي أبي حنيفة؟ قال القاضي: ولما هذا السؤال؟ قال الطحاوي: ظننتك تحسبني مقلداً. فقال القاضي: ما يقلد إلا عصبي أو غبي؟)

فتخير الأحكام نوع من الاجتهاد ولكنه الاجتهاد الذي لم يغلق الناس أبوابه

إصلاح التعليم في الأزهر واجب اجتماعي لإصلاح الأمم الإسلامية على مختلف أقطارها وأجناسها، وعلى كل مسلم أن يساهم فيه إذا استطاع إلى ذلك سبيلاً

وأنا ارجوا الله سبحانه أن يوفق العلماء وطلاب العلم إلى الإخلاص في النهوض بالأزهر، فإن الإخلاص في ذلك إخلاص لله ولرسوله وللمؤمنين ولدين الحق الذي وعد الله أن يظهره على الدين كله، وجعله هداية عامة لجميع البشر

ونصيحة أقدمها إلى العلماء وطلاب العلم في الأزهر راجياً تدبرها، هي احترام حرية الرأي، والتحرج من الاتهام بالزندقة والكفر ولا أطالب بشيء يدعى بدعة. ولا أحدث في الدين حدثاً لهذه النصيحة. فهي موافقة للقواعد التي وضعها سلف الأئمة رضى الله عنهم. وترونها مبسوطة واضحة في كتب الأصول وفي جميع كتب الإمام الغزالي

وحاصلها - على ما أذكر - أن المسائل الفقهية يكفر منكر الضروري منها كالصلاة والزكاة وحرمة الزنا وشرب الخمر وقتل النفس والربا

أما إنكار أن الإجماع حجة، وخبر الواحد حجة، والقياس حجة، فلا يوجب الكفر، وما عدا ذلك من المسائل الفقهية لا إثم في إنكاره مطلقاً. على شرط أن يكون الإنكار غير مصادم لنص أو إجماع على هذا أجمع الصحابة رضي الله عنهم، وأجمع عليه الأئمة، ولم يعرف أن بعضهم أثم بعضا

وعلى الجملة فما دام المسلم في دائرة القرآن لا يكذب شيئاً منه، ولا يكذب ما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم بطريق قاطعة فهو مسلم لا يحل لأحد أن يتهمه بالكفر

عرضت لهذه النصيحة لأنها تسهل على أهل الأزهر معاشرة الناس، والعمل بها يمكن من نشر الدعوة ومن الجدل بطرقه المقبولة. والعمل على خلافها منفر يحدث الشقاق ويورث العداوة

<<  <  ج:
ص:  >  >>