للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مضحكة؟

وفحوى هذا كله أنه محال أن يكون الفقه الإسلامي متأثراً بالفقه الروماني فضلاً عن أن يكون مأخوذاً منه، وسنبين بالبراهين القاطعة أن القوانين الرومانية هي المتأثرة به

الفقه الروماني هو المأخوذ من الفقه الإسلامي

وإذا سقط احتمال تأثر الفقه الإسلامي بالفقه الروماني، فإذا كان هناك تشابه بينهما فالمرجح بل المحقق أن الفقه الروماني هو الذي أخذ مباشرة عن الفقه الإسلامي. وقد كتب أحد علماء العلويين الحضارمة مقالاً في هذا الموضوع وفاه حقه بعنوان: من أين أخذ الإفرنج قوانينهم، نشرته مجلة النهضة الحضرمية قال فيه ما ملخصه:

إن دعوى اختفاء الفقه الروماني ثم ظهوره بعد ستة قرون أكذوبة لا مرية فيها، وقد كان الفقه الروماني معروفاً، وهو أشبه شيء بالفصول المضحكة. أنظر تاريخ الدولة الرومانية للعالم جيبون الجزء ٤ صفحة ٥٢٧، وذكر أمثلة من معاملاتهم ثم قال: يمثل هذه المحاكات القاسية كانت تجري الأحكام لغاية القرن الحادي عشر، ولم تتبدل إلا في الثاني عشر أو الثالث عشر. وقد قال ابن تيمية في القول الصحيح: (إن النصارى في طائفة من بلادهم ينصبون لهم من يقضي بينهم بشرع المسلمين إذ لم يكن لهم شرع عام يحكم به بين الناس، وليس في الإنجيل حكم عام، بل عامته الأمر بالزهد)

فكيف يصح أن ينسب هذا الفقه المشابه للفقه الإسلامي الحكيم بزعمهم إلى أمة معروفة، ولها فقه شائع معروف، وكله قسوة وهمجية؟ وكيف يسوغ عقلاً لأمة عظيمة أن يضيع عليها فقهها جملة، ويبقى غائباً عنها طيلة قرون عديدة ثم يعود إلى الظهور؟ هل يصح هذا إلا إذا صح أن تضيع عن أمة عاداتها وأخلاقها ودينها جملة؟

ثم إن حكاية اختفائها وبروزها في القرن الحادي عشر لم يقل بها غير هولود نيكوس سنة ١٥٠١م. ثم راجت، انظر جيبون ٤ صفحة ٥٥٥، وقد اعتبرها بعض العلماء إذ ذاك غير حقيقة، فقد قال القانوني الشهير سافينيه: إن القوانين الرومانية لم تختف لأنها ظلت معمولاً بها إلى البوم من غير انقطاع اه. ويعني بها القوانين القديمة المتقدم ذكرها. وبهذا وذاك تدحض دعوى اختفاء الفقه الروماني ثم ظهوره. ويتضح أن القوانين الحديثة ليست إلا حديثة الوضع، وضعها بعض علمائهم مقتبسة من الفقه الإسلامي وتبريرا لها عند العامة

<<  <  ج:
ص:  >  >>