للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والواقع أن التهم التي أسندت إلى مقالات رومان رولان في (جريدة جنيف) لا أساس لها من الصدق، إذ خلقتها عداوة بعض الإفراد والجرائد من جهة، ومن جهة أخرى الرقابة على المطبوعات إبان الحرب التي كانت حين تحذف من مقالاته كثيراً من الفقرات التي ترى فيها تطرفاً لا يجوز نشره، تترك بذلك المجال لأعدائه لتأويل الجزء الضئيل الباقي تأويلاً سيئاً

وعلى كل حال فقد كان هذا الصراع الهائل بين رجل وأمة داعياً لأن تتسع شهرة رومان رولان بعد الحرب، وخصوصاً وقد حصل عام ١٩١٦ على جائزة نوبل للآداب، وكانت شهرته خارج فرنسا أوسع من داخل فرنسا نفسها؛ وقد قوبلت كتبه التي ظهرت بعد الحرب بشغف زائد وإقبال عظيم، فطبعت عشرات الطبعات ومن هذه الكتب: (١٩١٧) - الذي طبع عام ١٩١٤ ولم ينشر إلا عام ١٩١٩ - , ' ' (١٩٢٠) - (١٩٢٤) - ' (١٩٢٥) ' (١٩٢٦ - ١٩٢٧) و (١٩٢٦) (١٩٢٨) - ' (١٩٣٠).

ولا يزال رومان رولان يعيش في سويسرا متخذاً إياها وطناً ثانياً له، محافظاً كل المحافظة على تفكيره وآرائه التي أثارت عليه الحملات غير عابئ بها، مؤمناً بذلك الإحساس الذي دفعه إلى أن يقول أثناء الحرب رداً على متهميه في إحدى مقالاته ' إن (الوقت الذي يخصصه الرد على خصم ما إنما يعتبر كزقة من أولئك التساء، أولئك السجناء. من تلك الأسر التي تسعى ونحن في جنيف أن نمد لها أيدينا).

ويرى الناقد رينيه لالو أن هذه الصلابة الشديدة التي نجدها عند رومان رولان في التسمك برأيه والاحتفاظ بنقاء ضميره كرجل أخلاقي قد آذته إلى حد ما - كفنان، إذ أفقدت قصصه كثيراً من الليونة والطراءة. على أن هذا الإخلاص لعقيدته بين عواصف الافتراء الكاذب، وذلك الاحتمال الباسم للاضطهاد الذي بعثنه النفوس الصغيرة، وتلك السعادة في العذاب التي انعكست عليه من أبطاله بيتهوفن وتولستوي وغاندي، قد جعلت جميعاً منه أحد أعاظم قادة الفكر الأوربي الحديث الذين في أعناقهم - هم وسائر مفكري العالم - يقف مصير المجتمع الإنساني

علي كامل

<<  <  ج:
ص:  >  >>