لقد رأينا كيف أن رومان رولان في مقالاته كان متجرداً من كل خضوع لفكرة وطنية، أو التأثر بتيار الحماسة الذي كان يجرف كل الأمم المتحاربة. ولذا لم يتردد - كما رأينا - في السخرية من كل رجال الفكر والدين، لأنهم خانوا مبادئهم النبيلة في الوقت الذي كان يمكنهم فيه تأدية أكبر جانب من مهمتهم في الحياة. كما أنه لم يتردد في إظهار ألمه من تردي العلم في حمأة الأغراض، حين يدعى الأستاذ بيريه مدير المتحف وعضو أكاديمية العلوم في باريس أن البروسيين لا ينتمون إلى ينتمون إلى الجنس الآري. كذلك كان من الأسباب التي زادت عدد مهاجميه احتفاظه بعد أن أعلنت الحرب بصداقة من كان يعرفهم من الكتاب الألمان (إذ ليس حبي لوطني - كما قال - معناه أن أكره أناساً مخلصين يحبون هم كذلك أوطانهم)
كل هذه الأسباب إلى جانب التهم التي وجهت إليه قبل الحرب عن طعنه في العبقرية الفرنسية جعلت عدداً من جرائد بلاده تنشر مقتطفات محرفة من مقالاته في لتثير عليه الرأي العام. ولقد استطاعت بلوغ ذلك إلى حد كبير. فكان جواب رومان رولان على هذا أن نشر مقالاته لتثير عليه الرأي العام. ولقد استطاعت بلوغ ذلك إلى حد كبير. فكان مستقل في سبتمبر عام ١٩١٥، حتى يطلع الشعب الفرنسي بنفسه على حقيقة ما كتب ليعرف مقدار اتهامات أعدائه من الحق أو الضلال. وقد قال في مقدمة كتابه ما يأتي:(إذا باغتت الحرب شعباً عظيماً فإنه ليس فقط أن يدافع عن حدوده، بل أمامه عقله أيضاً فإنه ليس عليه فقط أن يدافع عن حدوده، بل أمامه عقله أيضاً يجب أن يحميه من الخرافات والخروج على العدل ومن السخافات. تلك الأمور التي تطلقها من عقالها المصيبة العظمى لكل شخص مهمته، فكما أن على الجيوش أن تحافظ على أرض الوطن، كذلك على رجال الفكر الدفاع عن الفكر؛ فإذا سخروه لخدمة شهوات شعبهم، فقد يستطيعون أن يكونوا آلات نافعة، ولكنهم يخاطرون بخيانة العقل الذي ليس هو أقل جزء من تراث هذا الشعب) ثم يقول في النهاية: (لقد ظللت عاماَ بأكمله غنياَ بالأعداء، والآن أقول لهم أنهم يستطيعون أن يحقدوا علي، ولكنهم لن يستطيعوا أن يعلموني أن أكون حقوداَ. . . أن مهمتي أن أقول ما أعتقده عدلاً وإنسانياً)