وتغبر في العشرين سنة الأخيرة كل نظم الحياة تقريباً من معيشة بيتية ونظم اجتماعية، وحياة سياسية، وأصبح كل باب من هذه الأبواب يتطلب قصصاً جديداً وشعراً جديداً وكتباً أدبية جديدة، فأن نظر أدباؤنا إلى دواوين الشعراء الأقدمين ولم ينظروا إلى دواوين الطبيعة وصحائف العالم الذي فيه يعيشون، فلا أمل في شعرهم، ولا نثرهم وظل المتعلم منصرفاً عنهم إلى الأدب العربي على الرغم منهم.
ونوع آخر من الأدب يصح أن يستغله الأدباء، وهو أن يعمدوا إلى الأدب القديم، وأبطال الشرق، والأحداث التاريخية العربية فيجعلوا منها موضوعاً لدراستهم ثم يلقوا عليه أضواء مما وصل أليه العلم الحديث والأدب الحديث وعلم النفس الحديث، فيترجموه إلى لغة العصر ويبرزوه في شكل يناسب ذوق الجمهور ويحبب إليهم قديمهم.
أنهم إن فعلوا ذلك استطاع من لا يعرف لغة أجنبية أن يجد غذاءه في الأدب العربي، واستطاع أن يكون إنساناً مثقفاً تكفيه ثقافته، واستطاع من يعرف لغة أجنبية أن يباهي بأدب قومه كما تباهي كل أمة بأدبها، وفي ذلك اعتداد بشخصيتنا العربية الشرقية لا يستهان به.