الجارف على مستقبل التفكير وال آدابالألمانية، ولكنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً لمقاومة هذا الخطر لأنها توضع تحت نفس انظم الجديدة التي جعلت من الصحافة ووسائل الثقافة الفنية كالمسرح والسينما والموسيقى والراديو، أدوات لدعوة الحزبية المحضة. ويشعر الزعماء الهتلريون أنفسهم بفداحة الأثر الذي أحدثه هذا الاستبعاد المطلق للتفكير الألماني، ويحاولون تبريره بمختلف النظريات والمحاذير. وملخص نظريتهم في ذلك هو أن الصحافة من مظاهر الأنظمة الحرة وخواصها، ومثل هذه المظاهر لا توجد في ظل الاشتراكية الوطنية؛ والمبادئ الحرة لم تسمح بتوحيد كلمة الشعب، والاشتراكية الوطنية تريد الشعب كتلة واحدة. وقد كانت الصحافة في عهد الحريات القديمة تستمد أعظم قواتها ونفوذها من الانتماء إلى الأحزاب، أو زال منه تلقاء نفسه انحدرت الصحافة الحرة إلى مثل هذا المصير، وفقدت أهميتها الحزبية والسياسية؛ والاشتراكية الوطنية لا تقيم وزناً للجدل السياسي، وفي رأيها أنه متى زالت البواعث الموجبة لهذا الجدل، وهو الخلاف الحزبي، فإن الصحافة تغدو أداة متماثلة في عملها ومظهرها. والاشتراكية الوطنية لا تعتمد على الصحافة كأداة للدعوة، ولكنها تعتمد في ذلك على الإذاعة اللاسلكية؛ وهي عمادها في قيادة الشعب وإرشاده. وأما الصحف فمهمتها أن تنقل للناس ما يسمعونه بواسطة (الراديو) لكي يعودوا فيقرءوه ويتدبروه. وأخيراً ترى الاشتراكية الوطنية أن الصحافة من الأنظمة القومية، فيجب أ، تكون حرفة رسمية تشرف عليها الدولة، ويجب ألا يشتغل بها سوى الآريين، فلا يسمح لليهود أن يشتغلوا بها سوى الآريين، فلا يسمح لليهود أن يشتغلوا بها أو يساهموا في امتلاكها (وهذا ما يقرره قانون الصحافة الهتلري). وكما أن الصحافة السياسية تتلقى كل مواد الكتابة والتعليق من المكتب السياسي بوزارة الدعاية، فكذلك تشرف على توجيه الصحافة العلمية والأدبية والفنية (غرفة للثقافة) وعلى توجيه الصحافة الاقتصادية والمالية (غرفة الدعاية الاقتصادية)، وهكذا يسير التفكير الألماني كله طبقاً لخطة حزبية موضوعة تقرر له المبادئ والمواد من وراء ستار وتلقنها إليه تحت سلطان القوة والوعيد
وهل نحن في حاجة لأن ندحض هذه النظريات والآراء الرجعية الطاغية؟ إن الاشتراكية الوطنية تعترف بأنها تقتل الصحافة لأنها لا تطيق النظم الحرة، وفي ذلك ما يكفي للحكم على تدليلها ووسائلها. ولقد كانت حرية التفكير في جميع العصور والأمم من خواص