والسيارات والطيران وبعبارة موجزة (كل المعدات الحديثة للدول الشرقية التي تقوم على قدم وساق وتعمل على تغيير أحوال معيشتها تغييراً عميقاً) ولقد انقلبت دار الصناعة رأساً على عقب وهي التي عليها تقوم حياة البلاد الاقتصادية. وذلك بسبب طرق الصناعة الحديثة ومنافستها. ففي عام ١٩٣٢ كانت المنسوجات اليابانية تعادل ٧٠ % مما في أسواق العراق، وفي سوريا توقفت صناعة النسيج وكان في ذلك القضاء الأخير على دور دودة القز
ولقد نتج عن ذلك كثير من ضروب العراك بين المعتقدات والعوائد الماضية، وبين الأفكار والمستلزمات الجديدة. فلا تزال المساجد مركزاً للهياج السياسي، ووسط جزيرة العرب لا يزال متمسكاً بالقانون الديني التقليدي الذي يقول بقطع يد السارق، والجماهير لا تزال في كل مكان شديدة التأثر بخطب المهيجين. على أن نخبة القوم في مصر وسوريا والعراق يهجرون شيئاً فشيئاً الدراسات الدينية، ويوشك أن يزول أثر الإسلام في شئون الحكومات. وبالرغم من ذلك فقد أثار تحرر تركياً من سيطرة الدين كثيراً من الاضطرابات. على أن ضروباً من التقاليد المقدسة قد أمحت الثقة بها، وثل ذلك أعمال الدراويش في حلقات الذكر. ومن ناحية أخرى فإن مسألة القبعة وإن لقيت تقدماً بطيئاً نجد مشكلة حجاب المرأة لم يطرأ عليها تغير ما بالرغم من الثورة التركية. أما الخلافة فليس لها الآن إلا عدد قليل من الأنصار إذا استثنينا الهنود
في وسط هذه الحركات المختلفة نرى اتجاهين رئيسيين كانا نتيجة لتقدم السكان ورقي البلاد: اتجاه توحدي واتجاه قومي
الاتجاه التوحدي:
إن الاتجاه التوحدي يستمد قوته من النهضة العامة للضمير الإسلامي، ومن شعور هذه الممالك باشتراكها من حيث الأصل. وهذا الشعور يقويه مكافحة الغرب وكره الأجنبي. ومن هنا قامت كل هذه الهيآت والمؤتمرات التي تحاول جهدها أن تربط جميع الشرقيين على اختلاف طبقاتهم وأديانهم وممالكهم لتوجههم إلى غرض واحد هو الاتحاد ومقاومة الأجنبي. ولاجتماعات المسلمين في الظاهر صفة دينية على الأخص. وهي بغية الوصول لتحقيق فكرة الجامعة الإسلامية، لكن فكرة مؤتمر مكة قد أهملت دون أن يصيبها النجاح