(في عام ١٩٣٠ وعام ١٩٣١) ويؤكد بعضهم من جهة أخرى أن عدد الحجاج الذين يذهبون إلى مكة قد هبط من ١٢٠ألفاً في عام ١٩٢٩ إلى ٩٠ألفاً في عام ١٩٣٠ و٧٠ ألفاً في عام ١٩٣١ و ٣٠ ألفاً في عام ١٩٣٢ ومن ٢٠ ألفاً إلى ٢٥ ألفاً في عام ١٩٣٣ ولم يأت من مصر إلا ألفان من الحجاج عام ١٩٣٣ وليس للأزمة الاقتصادية إلا أثر جزئي في هذا الهبوط
والواقع أن فكرة الجامعة الإسلامية تصطدم باستحالة توجيه ثلثمائة أو أربعمائة مليون من المسلمين. كما أن الفكرة الدينية لا تكفي لربط العالم الإسلامي وحفزه. وهناك برهان مادي على صدق هذا القول وهو فشل فكرة الخلافة:(ففكرة الخلافة التي تقاومها السلطات التركية باستمرار في كل المناسبات يظهر أنها قد ماتت تماماً في الوقت الحاضر في البلاد العربية. ولقد أعلن الملك عبد العزيز بن سعود نفسه وهو يستقبل الحجاج في مكة أنه لم يجر ولن يجري مطلقاً وراء لقب خليفة المسلمين. فالخليفة يجب عليه مراقبة أوامر الدين ونواهيه في كل أجزاء الأرض. وفي عصرنا الحاضر لا يوجد رجل قادر على أن يضطلع بهذا الأمر. وعلى ذلك فإن النهضة الدينية في الشرق الإسلامي يمكن اعتبارها (رد فعل) في سبيل الدفاع السياسي أكثر منها بداية نهضة. فالإسلام هو الآن قوة لمكافحة الاستعمار الغربي واليهودي، لكن أثره في حياة الحكومات يفقد تدريجياً خطره الذي كان له في الزمن السابق. ويجب أن نضيف أيضاً أن مما يتفق وتاريخ المدينة الإسلامية ما نراه الآن من تقدم حركة دينية قوية ترمي إلى توحيد قوى قسمتها السياسية، وإقامة جبهة صلبة ضد الغرب) ومنذ عهد قريب تبذل الجهود لبعث النشاط الإيجابي في كل عضو من جسم العالم الإسلامي
ولقد نتج عن الحبوط (النسبي) لفكرة الدينية أن اتخذت كل الحركات المبذولة في سبيل الوحدة صبغة سياسية. وقد قوى تقدم الحركة الصهيونية في فلسطين الشعور بواجب الدفاع عن بيت المقدس وهو المدينة المقدسة الثانية للعالم الإسلامي. وفي أثناء عام ١٩٣١ دعا المفتي الأعظم إلى المؤتمر الذي عقد في ديسمبر، (وكان الغرض من هذا المؤتمر يبدو أولا دينياً محضاً: وهو التعاون الإسلامي ونشر الثقافة الإسلامية ومقاومة الإلحاد، والدفاع عن الأراضي المقدسة، والمحافظة على التقاليد، وإنشاء جامعة علمية في بيت المقدس،