وشركائه في إنشاء دار نشر كبيرة، وازدهرت أعمال الشركة بادئ بدء، ولكنها ساءت بعد ذلك وأفلست سنة ١٨٩٥، وتحمل مارك توين بسبب هذه النكبة أعباء مالية فادحة، ولم ير مارك توين وسيلة للاقلة من هذه العثرة سوى الطواف حول العالم وإلقاء المحاضرات الفكهة. وقد نجحت رحلته نجاحاً عظيما وجمع مبلغاً كبيراً من المال، واستطاع أن يسدد ديونه. وكان مثله في ذلك مثل الكاتب الفرنسي يلزاك الذي أراد أن يحقق الغنى من الاشتغال بنشر الكتب فباء بالخسارة والإفلاس.
ومن ذلك الحين كان مارك توين يقضي معظم أوقاته في أوربا، وفي سنة ١٩٠١ عاد إلى الولايات المتحدة وتابع الكتابة، وفي سنة ١٩٠٧ زار إنكلترا فاستقبل بحماسة عظيمة، وأنعم عليه بدرجة فخرية من جامعة أكسفورد. وتوفي ١٩١٠ في الخامسة والسبعين.
ومارك توين من أقطاب الأدب الفكه، وهو أستاذ هذا الفن في الأدب الأمريكي، كما أن جورج كورتلين هو أستاذ هذا الفن في الأدب الفرنسي، وفكاهة مارك توين مرسلة ليس فيها تكلف، وقد تكون أحياناً خشنة يطبعها الاغراق، ولكنها على أي حال ممتعة مؤثرة؛ وأحياناً تبدو دقيقة تقوم على بعض المبادئ الجدية. وما يزال تراث مارك توين فريداً في الأدب الأمريكي.
تكريم الدكتور محمد حسين هيكل بك
في مساء الأربعاء الماضي أقامت لجنة ممتازة رئيسها الأستاذ الجليل مدير الجامعة المصرية، حفلة تكريمية في فندق الكونتننتال، للأستاذ الكاتب النابغ محمد حسين هيكل بك، بمناسبة إصداره كتابه القيم (حياة محمد)، شهدها صفوة متخيرة من رجال الفكر، وتكلم فيها نخبة متميزة من رجال البيان، وكان الكلام الجاهر على المنصة، والحديث الخافت حول الموائد، يدور على هذا الجهاد المنصور المبرور الذي جاهده الأستاذ هيكل في الأدب والسياسة هذه الحقبة الطويلة. والأستاذ هيكل في الأدب أحد الأساطين الرواسي التي قام عليها أدبنا الحديث ما في ذلك خلاف؛ توفر بحكم دراسته على الثقافة الغربية، ومال يحكم قراءته إلى الآداب الفرنسية، وتعصب بحكم مصريته للفنون الفرعونية، وهو كاتب بالاستعداد، فنان بالفطرة، فلابد أن يكتب، ولابد أن يكتب بالعربية؛ والعربية لم يعطها بعد نصيباً جدياً من ذكائه، فظهر في الثمرات الأولى ضعف الائتلاف بين المعنى القوي