والتفكير المهذب، وبين اللفظ الضعيف والأسلوب المهمل، ولكن النفوس الفنية تهتدي بغرائزها إلى الطريق، وتسير وراء إحساسها إلى القاعدة، فلم يلبث الأستاذ هيكل أن فرض أسلوبه الغني بالصور، وأدبه القوي بالمنطق، على أبناء الأدب العربي؛ ولم يلبث الدكتور هيكل الذي خضع لأثر الفرنسية والفرعونية وبدأ (بزينب)، أن يسمو إلى العربية والإسلامية وينتهي بـ (حياة محمد).
فوز مبين للإسلام والعرب والشرق أن يصدر عن الأستاذ هيكل هذا الكتاب الروحي الخالد؛ فهو يدل فيما يدل على أن أدبنا الأصيل العريق أخذ يرتد إلى منبعه، ويستمد من وحيه، ويتمتع باستقلاله. والاحتفال بالدكتور هيكل هو احتفال ضمني بهذا التطور الأصيل المحمود الذي سما بالفكر المصري إلى رتبة الخلق، وبالأدب العربي إلى مقام الأصالة.
من رونسار إلى بودلير
صدر أخيراً في باريس كتاب عنوانه (من رونسار إلى بودلير) بقلم مسيو فرنان فليريه، ورونسار هو شاعر فرنسا الأكبر في القرن السادس عشر؛ وبودلير هو شاعرها الأكبر في القرن التاسع عشر. وقد تناول مسيو فليريه فبي كتابه تطور الشعر الفرنسي؛ وحياة أقطابه منذ القرن السادس عشر؛ وتحدث عن الأساليب الأدبية التي توالت على الأدب الفرنسي في هذه العصور؛ وخص الأسلوب التهكمي منها بفصل بديع. ومسيو فليريه ناقد قدير؛ وقد سبق أن نشر معظم فصول كتابه في بعض الصحف والمجلات الأدبية فأثارت تقديراً واهتماماً.
وفاة كاتب روماني
من أنباء بوخارست أن الكاتب الشاعر الروماني الشهير بنايت استراني قد توفي في سن الحادية والخمسين بعد مرض طويل. وقد بدأ هذا الكاتب حياته العامة عاملاً؛ ولكنه ظهر بمواهبه الفكرية، وجذبه المعترك السياسي منذ حداثته، فكان زعيم حركة اشتراكية قوية. ولما أعلنت الحرب الكبرى هاجر إلى سويسرا اتقاد الاضطهاد، وهناك كتب عدة قصص قيمة؛ منها:(العم انجل) و (كيرالينا)؛ ولفتت قصصه أنظار الدوائر الأدبية، ولا سيما الدوائر الفرنسية؛ وترجمت إلى معظم اللغات، ووصفه الكاتب الفرنسي رومان رولان بأنه