وبعد الحرب زار استراتي روسيا السوفيتية ليدرس التجربة الاشتراكية ولكن عاد بخيبة أمل، وانهارت عقيدته الاشتراكية وتحول إلى مبادئ الوطنية البرجوازية (الرأسمالية) وكان في أعوامه الأخيرة يشترك في المعترك السياسي بحماسة ونشاط، وكان يقارع خصومه السياسيين بحملات صحفية شديدة كانت تثير كثيراً من الجدل والاضطراب.
العيد المئوي لبلليني
من الأعياد الفنية الشهيرة التي تتأهب إيطاليا للاحتفال بها بعد بضعة أشهر؛ العيد المئوي لوفاة الفنان المؤلف الموسيقي الأشهر فنشتر بلليني الذي توفي شاباً في عنفوان فتوته وفنه منذ مائة عام. وقد ولد هذا الفنان البارع في مدينة قطانية من أعمال صقلية في أواخر سنة ١٨٠١؛ وكان أبوه معلماً للموسيقى. فنشأ الطفل موهوبا في الفن. وأخذ يؤلف القطع الموسيقية منذ السادسة من عمره. وفي سن الثانية عشرة ذهب إلى نابولي والتحق بمعهدها الفني؛ وكان أستاذه هنالك تسنجار يللي المؤلف الموسيقي المشهور وملحن رواية (روميو وجولييت). ولم تمض بضعة أشهر حتى وضع الطالب بلليني أول (أوبرا ته) وعنوانها (أدلسون وسالفيني)، ومثلت في قاعة المعهد ونالت نجاحاً عظيماً حتى أنها كانت تمثل كل يوم أحد. ولما رأى الفتى نجاحه السريع وضع قطعة أخرى عنوانها (بيانكا وفرناندو)، ومثلت في مسرح سان كارلو، فنالت نجاحاً أعظم، وذاع صيت الفتى الفنان حتى أن دومنيكو بارباجا أعظم مخرجي العصر دعاه إلى وضع قطعة جديدة تمثل في مسرح (سكالا) بميلانو وهو أعظم مسارح إيطاليا يومئذ؛ فسافر بلليني إلى ميلانو ووضع قطعته الشهيرة (القرصان)(سنة ١٨٢٧)، فكان ظفره بتمثيلها عظيماً، وارتفع في الحال إلى وصف أعظم فناني العصر؛ وأتبعها بقطعة جديدة عنوانها (الأجنبية) ثم بأخرى عنوانها (جولة الليل) ثم (نورما) وهي قطعة موسيقية بلغ بها ذروة مجده، وبعدئذ وضع بلليني قطعاً خاصة لمسارح إيطاليا الشهيرة في البندقية ونابولي وغيرها، ثم سافر إلى باريس ووضع هناك قطعة (البورتانيين) فنالت نجاحاً عظيماً، ولكن المرض كان قد أخذ يسري إلى الفنان الفتى وأخذت صحته تسوء بسرعة؛ ولم يلبث أن توفي في باريس في سبتمبر سنة ١٨٣٥ ودفن بمقبرة (بير لاشيز) ثم نقلت رفاته بعد ذلك إلى مسقط رأسه (قطانية) سنة ١٨٧٦