أن الفلسفة على هذا النحو لم تنشأ إلا عند اليونان فهو مجازفة. ولو اطلعا على فلسفة الهند مثلاً لاقتصدا في هذه الدعوى. ولعلهما يسمعان عما قليل بقصة الفلسفة الشرقية كما أسمعا الناس قصة الفلسفة اليونانية. وقد ذكرا في أول الفصل الثاني أن فيثاغورس رحل إلى مصر وبلاد الشرق، وقالا في آخره:(وأنت ترى من ذلك أنهم (الفيثاغوربين) خطوا بالفلسفة خطوة جديدة نحو التفكير المجرد، فبدأت الفلسفة منذ ذلك الحين تتحلل بعض الشيء من تلك النزعة الطبيعية التي سادت عند فلاسفة يونيا لتستقبل صبغة جديدة - هي صبغة الفلسفة في أصح معانيها - أعنى التفكير المحض فيما وراء الطبيعة وظواهرها. الخ) وقالا في الفصل السادس إن ديمقريطيس (كان واسع العلم، راغباً في تحصيله رغبة حارة. . . . وقد حفزته تلك الرغبة الملحة في التحصيل إلى الرحلة في أقطار الأرض، فزار مصر وجاس خلالها، وعرج على بابل وطوف في أنحائها.) فإن يكن فيثاغورس الذي تعلم في مصر ورحل إلى الشرق قد نحا في الفلسفة نحواً جديداً، وارتقى بها إلى التفكير المجرد الذي هو أقرب إلى الشرقيين، فلم نجزم جزماً أن فلاسفة اليونان لم يستمدوا قط من الأمم الأخرى؟ وإن يكون ديمقريطيس وهو إمام مذهب في الفلسفة رحل إلى مصر وبابل في طلب العلم فكيف نجزم بأن اليونان لم يأخذوا عنهم (ليس في ذلك ريب ولا شك)
٣ - وقالا ص٣٣ أثناء الكلام على آراء الفيثاغوريين:
(أي انك تستطيع أن تتخيل في غير عسر كوناً يخلو من اللون والطعم والحرارة). وقد جهدت أن أتخيل عالماً لا لون له فلم يتيسر لي
٤ - في الكلام على هرقليطس ص٥٦ (بعد أن عمر نحو ستين عاماً كان فيها معاصراً لبارمنيدز.) والعبارة توهم أنه عاصر بارمنيدز ستين عاماً، وليس هذا مقصوداً كما يعرف من تاريخ الرجلين
٥ - في الكلام على السوفسطائيين ص٩٩:(ومن أجل ذلك سمي اللعب بالألفاظ والتهريج في الحجج سفسطة اشتقاقاً من السوفسطائيين.) وكان ينبغي هنا تفسير كلمة سوفسطائي في وضعها الأصلي حتى لا يتوهم القارئ أن فيها معنى السفسطة المعروف
٦ - تكلم المصنفان على الأحوال السياسية والاجتماعية في بلاد اليونان عند ظهور السوفسطائيين ليبينا أثرها في فلسفتهم، ولم يذكر آثار الحروب الفارسية المتمادية، وكانت