للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

رومانية قصيرة المدى؛ وأثارت حياة أبنته الحسناء. لوكريسيا ثبتاً حافلاً من التواريخ والأساطير الشائقة

لوكريسيا (أو لوكريس) بورجيا! تلك الحسناء الفاتنة التي تحيطها الروايات المعاصرة أحياناً بألوان ساحرة من البهاء والفخامة، وأحياناً بألوان مثيرة من الإثم والفحش، وتصورها أحياناً ملكاً كريماً يسمو عن ذلك المجتمع الروماني الفياض بالدس والفجور والجريمة، وأحياناً بغياً سحيقة تنحط إلى أسفل درك من الإثم والرذيلة، هي نموذج لتلك الشخصيات النسوية الساحرة التي يثير جمالها وسحرها حولها نوعاً من الغموض والخفاء، فلا يستطيع التاريخ أن يقول فيها كلمته بعيدة عن مؤثرات الرواية الخيال

كانت لوكريسيا ابنة للكردينال ردريجو بروجيا من خليلته الرمانية روزا فانوزا. وكان ردريجو ينتمي إلى أسرة أسبانية نزحت قبل ذلك إلى إيطاليا وسمت إلى بعض الوظائف الكنسية الرفيعة، وتولى أحد أعضائها كرسي البابوية باسم اسكندر الثالث، ورقي ردريجو ولد أخيه إلى مرتبة الكردينال. وكانت فانوزا كانتاني فتاة حسناء من أسرة طيبة، وكانت زوجة لسيد يدعى دي كروشي، يشغل وظيفة في الديوان الرسولي فهام بها الكردنال ردرريجو، وأغضى كروشي عن تلك العلاقة الغرامية لما غمره به الكردينال من صنوف الرعاية والبذل. ورزق الكردينال من خليلته بأربعة أولاد هم: بيدرولويس الذي توفي حدثاً، وجوفاني (جان) وشيزاري (سيزار) ولوكريسيا، وجوفري. وكانت فانوزا تقيم مع أولادها في منزل يجاور قصر الكردينال؛ ولم تكن علائقهما سراً، بل كانت أمرا ذائعاً في المجتمع الروماني، حتى أن فانوزا كانت تدعي فانوزا بورجيا. وعهد الكردينال ردريجو بتربية أبنته لوكريسيا إلى ابنة عمه أدريانا دي ميلا أورسيني، وهي سيدة رفيعة المقام والخلال يثق بها أعظم ثقة؛ فبعثت بالطفلة إلى دير القديس سكستوس في وادي (الابنين) على مقربة من رومة؛ وتلقت لوكريسيا هنالك تربية دينية عميقة ودرست الإيطالية والأسبانية والفرنسية واللاتينية والرسم والموسيقى، وتلقت بالجملة تربية تليق بأميرة عظيمة. وفي سنة ١٤٨٩، هجر الكردينال ردريجو خليلته فانوزا واستبدلها بفتاة رائعة الحسن تدعى جوليا فارنيسي؛ ورأى حرصاً عليها أن يزوجها، فزوجها بفتى يدعى أورسينوس وهو ابن لابن عمته أدريانا. وكانت لوكريسيا عندئذ في التاسعة من عمرها - لأنها ولدت سنة١٤٨٠

<<  <  ج:
ص:  >  >>