(السنة) والاستيثاق من صحة أسانيدها، والتقرب إلى الله بخدمتها. ثم بعد هذا كله يقول الأستاذ ميشيل عنهم أنهم لم يعلموا شيئاً سوى أنهم أوجدوا للعالم في السنة نسخة ثانية من مجموعة القوانين الرومانية. فكيف تكون جرأته أو أمانته في النقل إذا أراد أن يكتب لنا مقالاً في علم يجهله المسلمون سكان هذه البلاد كلُّ الجهل؟؟ يقول بعضهم: ولكن الكاتب إنما كتب في مجلة تصدر في بلاد العلويين للعلويين. وأوطناه! كأن بلاد العلويين في عالم المريخ وليست جزءاً من وطننا؟
وكأننا لسنا على مقربة من بلاد العلويين نسمع ونرى؟ وكأنه لا يوجد في بلاد العلويين فقهاء راسخون، وحقوقيون متضلعون؟
كأن العلويين إنما سموا علويين من أجل أن يطعنوا في كرامتهم، ويساوموا على إسلاميتهم!
وأية كرامة تبقى إذا قيل لهم: إن (علياً) الذي اشتق اسمكم من اسمه الكريم ما كان يقاتل ويناضل لأجل تأييد سنة الإسلام، وإنما كان يقاتل ويناضل من أجل أن تأييد سنة (يوستينانيوس) ملك الرومان؟
وبعد، فإذا اقتضت حالة الرومانية الاجتماعية أن يستندوا في بعض معاملاتهم على (الوكالة الدورية) فقرروا أحكامها في قوانينهم، ألا يوجد في الاجتماع الإسلامي حالة تشبه تلك الحالة تستدعي تقرير أحكام الوكالة الدولية في فقه المسلمين أيضاً؟
لا جرم أن طبائع الأمم والشعوب وأخلاقها وأطوارها مترشحة من ينبوع (الإنسانية) الأعظم.
والإنسانية مهما اختلف أبناؤها في ظواهر الاجتماع، يبقون متحدين في جواهر الأخلاق والعادات والطباع.
والشرائع سواء أكانت سماوية أم وضعية إنما تستند إلى هذه الأخلاق والعادات، فكثيراً ما تشَّابه بين الأمم بسبب تشابه الأمم نفسها فيما ذكرنا من الأخلاق والعادات.
فإذا وجدنا في الشريعة الإسلامية أحكاماً تشبه أحكاماً مقررة في الشريعة اللاتينية مثل (إن البيع يتم بإيجاب وقبول) لا ينبغي لنا أن نتسرع في الحكم بأن الشريعة الأولى اقتبست من الشريعة الثانية مباشرة، ولا سيما إذا كان هناك أسباب جوهرية تدل على عدم إمكان هذا الاقتباس.