فقد يقف في طريق الشاعر إلى حب المرأة أن يشم منها ما يكره، وهي قطعة من جمال الحياة، روحاً وجسداً لولا أنها أهملت جسدها أن تتعهده بالنظافة فكان ذلك حائلاً دون خلوصه إلى روحها إذ كان نقصاً بيناً في جمال هذه الروح.
وربما هام الشاعر بالمرأة، وهي ناقصة الجمال، لتضاؤل ما يبدو من نقصها في عينه إلى جنب ما امتازت به من جمال يأخذ العين والأذن بما فيه من سحر، فهو إذ ذاك أعمى عن كلُّ ما ينقصها لما تفتن في تنمية هذه الناحية فيها وصرفه عن الشعور بما عداها.
وكثيراً ما تستطيع المرأة أن تسبغ جمال روحها على ما يشين جسدها من قبيح فتتغلب على شعور الهائم بالجمال بما امتازت به من خصائص النفس، فللشاعر إذ ذاك العذر في قصر هواه على جمالها الناقص.
وله هذا العذر أيضاً في محيط نماه وليس فيه من ربات الجمال التام من يهيم بها فلجأ إلى الجمال الناقص يهيم به ويسبغ عليه فنه الخالد إذ كان هو الجمال التام عنده.
وهكذا هو مع المرأة التي مُني بها قبل أن يشعر وهي ناقصة الجمال، فلما دق شعوره بالحياة نظر إليها نظرة شاعر فوقف منها على ما خفي عنه من قبل، ورأى أن في العدول عنها عذاب الضمير ثم التياث الغرض من وراء ذلك كله، فحمل نفسه على القنوع بها وأغضى عما يعترضه من جمال خارج، فكانت عروس خياله تجلو عليها آماله وينفحها من شعره بما تخلد به إلى جنبه