للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كلها لقرب مخرجهما، فحضر يوماً عند على بن عيسى فتذاكرا هذه المسألة واختلفا فيها وثبت الزجاج على مقالته، فلم يأت على ذلك إلا قليل من المدة، فاحتاج الزجاج إلى كتاب إلى بعض العمال في العناية فجاء إلى علي أبن عيسى الوزير ينتجز الكتاب، فلما كتب علي بن عيسى صدر الكتاب وانتهى إلى ذكره كتب: وإبراهيم بن السرى من أحسن أخواني، فقال الرجل أيها الوزير: الله الله في أمري! فقال له علي بن عيسى إنما أردت أخص، وهذه لغتك فأنت أبصر، فإن رجعت وإلا أنفذت الكتاب بما فيه. فقال قد رجعت أيها الوزير فأصلح الحرف واطو الكتاب. أ. هـ.

فهذا الذي نقلناه عن طبقات السبكي يفيد أن للخطابي كتاباً شرح فيه غريب اللغة التي في مختصر المزني ولكني لم أر أحداً ذكر هذا الكتاب من كتب الخطابي، ولم يذكر صاحب كشف الظنون هذا الشرح لمختصر المزني مع أنه عدد الكثير من شروحه لكثير من المتقدمين والمتأخرين.

شعره:

يُعد الخطابي أديباً ذا حظ وافر في الصناعتين النثر والنظم؛ فإما نثره ففي إمكان القارئ الكريم الاطلاع عليه في كتبه التي كتبها في العلوم، ومنها ما هو مطبوع، لذلك لا أرى حاجة إلى ذكر شيء منه، وأما شعره فمع أنه شعر جيد سلس عذب الألفاظ فهو مفرق هنا وهناك بين بعض كتبه وكتب بعض الذين ترجموا له، وإني لذلك ذاكر منه كلُّ ما عثرت عليه.

قال أبو سعيد الخليل بن محمد الخطيب: كنت مع أبي سليمان الخطابي فرأى طائراً على شجرة فوقف ساعة يسمع ثم أنشأ يقول:

يا ليتني كنت ذاك الطائر الغردا ... من البريّة منحازاً ومنفردا

في غصن بأن دهته الريح تخفضه ... طوراً وترفعه أفنانه صعدا

خلو الهموم سوى حب تلمسه ... في الترب أو نغبة يروى بها كبدا

ما إن يؤرقه فكر لرزق غدٍ ... ولا عليه حساب في المعاد غدا

طوباك من طائر طوباك ويحك طب ... من كان مثلك في الدنيا فقد سعدا

وله في معاملة الناس بالحسنى وحب الخير لهم:

<<  <  ج:
ص:  >  >>