للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فهو يزيد بكبره على صغر أحدهما، وهو يسمح لكبر الآخر أن يزيد على صغره. ثم أضاف ضاحكا: ما أشبهني فيما أقول بكتاب، ولكني أعتقد أن ما أقوله حق

فوافق سمياس على هذا

- والسبب في هذا القول مني هو رغبتي في أن تروا معي أنه ليس الكبر المطلق وحده هو الذي يستحيل عليه أن يكون كبيرا وصغيرا في آن واحد، بل إن ما فينا من كبر، وكذلك ما في المحسات، لن يقبل كذلك الصغير بتاتا، ولن يرضى أن يربي عليه، وسيحدث بدلا من هذا أحد شيئين - إما أن الأكبر سيزول أو يتراجع أمام ضده، وهو الأصغر، أو أنه سيتلاشى بازدياد الأصغر، لكنه لو قبل أو سلم بالصغر فلن يتغير ذلك منه، كما أني لا أزال كما كنت تماما الشخص الصغير بذاته مع كوني قد تلقيت الصغير وقبلته حينما قرنت إلى سمياس. فكما أنه يستحيل قطعا على مثال الكبير أن يتنازل ليكون أو ليصير صغيرا، كما يستحيل على أي ضد آخر كما هو، أن يكون أو يصير ضد نفسه ابدا، فهو إما أن يزول أو يمحى أثناء التغير

أجاب سيبيس: هذا عين ما أرتئيه

فلما أن سمع ذلك أحد الرفاق، ولست أذكر على التحقيق من هو، قال: بحق السماء، أليس هذا هو النقيض تماما لما سبق التسليم به - ذلك أن من الأكبر جاء الأصغر، ومن الأصغر جاء الأكبر، وإن الأضداد إنما تولدت من أضداد، فأحسبكم الآن منكرين هذا إنكارا قاطعا.

فمال سقراط نحو المتكلم برأسه منصتا، ثم قال: تعجبني جرأتك في تذكيرنا بهذا، ولكنك لم تلاحظ أن هنالك اختلافا بين الحالتين، فقد كنا نتحدث فيما سلف عن الأضداد في المحسوسات، أما الآن فحديثنا عن الضد في الجوهر الذي يستحيل عليه - كما هو مقطوع به - أن يكون على خلاف مع نفسه سواء أكان هذا الضد فينا أو في الطبيعة. إذن فقد كنا يا صديقي نتحدث عن الأشياء التي تكون الأضداد فطرية فيها، والتي سميت تبعا لها، أما الآن فنحن إنما نتكلم عن الأضداد التي تكون فطرية فيها (في الأشياء) والتي تخلع اسمها عليها، فلن تقبل قط هذه الأَضداد الجوهرية، فيما نعتقد، التوليد أو الخروج بعضها من بعض. وهنا التفت إلى سيبيس وقال: هل أدخل اعتراض صاحبنا شيئا من الحيرة في نفسك يا سيبيس؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>