توفي في الثالثة من عمره (أغسطس سنة ١٥٠٢) فحزنت عليه أيما حزن، وأثر الحزن في هيكلها الدقيق، فلزمت فراشها مدى حين وجداً وأسى؛ ولكنها لقيت من عطف زوجها ووفائه في محنتها ما خفف لوعة وجدها وعاونها على استكمال صحتها
وهنا يحمل بعض المؤرخين على لوكريسيا، ويتهمونها بالقسوة والنذالة لأنها لم تعن بتربية ولدها بنفسها في حين أنها عنيت بتربية (الطفل الروماني) الذي أشرنا إلى قصته
وكانت لوكريسيا في تلك الفترة تعنى بالقراءة؛ ولم تلق في فيرارا شيئاً من تلك الحفلات المرحة التي كانت كل حياتها في الفاتيكان، بيد أنها كانت قد عافت هذه الدنيا الصاخبة، وارتاحت إلى حياة العزلة والسكينة
ولم يمض عام آخر حتى فقدت لوكريسيا أباها اسكندر السادس؛ وكانت وفاته في ١٨ أغسطس سنة ١٥٠٣ في سن الثالثة والسبعين
ويصف لنا المؤرخ جيشاردينو وقع وفاته في روما فيما يأتي:(هرعت روما بأسرها، وقد غمرها فرح لا يوصف، إلى كنيسة القديس بطرس، تتأمل ذلك الميت؛ ذلك الشيطان الذي يضطرم طمعاً ويفيض غدراً؛ ذلك الذي سمعت قسوته الوحشية، وفجوره المروع، وجشعه، وجرأته المثيرة في إدارة الشؤون المدنية والدينية، جو العالم كله)
ووقع النبأ كالصاعقة على لوكريسيا. ذلك أنها كانت تحب أباها رغم رذائله وآثامه، حباً جما؛ وكانت تشعر بأن هذا الحنان الفياض الذي كان يغدقه عليها دائماً، هو ملاذ حياتها وعزها، فغمرها الحزن مدى حين. ولكن زوجها وأسرته استقبلا النبأ بارتياح؛ ولم تر لوكريسيا أباها مذ غادرت رومة عقب زواجها، لأن زوجها كان يأبى دائماً أن تزور رومة أو يزورها أبوها في فيرارا
وقد كانت وفاة اسكندر السادس خاتمة ذلك السلطان إلى تبوأ آل بورجيا في إيطاليا مدة ثلاثة عشر عاماً، وكان نكبة حقه لولده شيزاري. ذلك أن مشاريعه انهارت في الغداة كانهيار قصر أسس على الرمال أن فقد ذلك العضد القوي الذي كان مصدر كل قوته وبطشه؛ فالتجأ إلى جونزالفو دي كردوفا قائد الجيوش الإسبانية في نابل، ولكنه اعتقله وسلمه إلى ملك إسبانيا فردياند الكاثوليكي؛ فزجه إلى السجن معتزماً أن يحاكمه على جرائمه التي أصابت كثيراً من أفراد أسرته؛ ولكن شيزاري استطاع أن يفر من سجنه بعد