يؤتيكَ وَحْيٌ لا يُرَام ومنطقٌ ... بوادِرُهُ مَحْمُودةٌ وعواقُبهْ
فجِئْتُ بقُرْآنٍ حوى كلَّ حِكْمَةٍ ... أنارتْ دياجي الكائناتِ كواكبُهْ
يُنَصُّ فَتُصْمي الظالمينَ حُدُودُهُ ... وَيُتْلَى فَتُرْدِى المارقينَ ثَوَاقبُهْ
وَقَوَّمْتَ من زَيغِ الأعارِيبِ فاستَوَوْا ... على مَنْهَجٍ لِلْعَدْلِ يَأْمَنُ راكِبُهْ
وَرُضْتَ جِمَاحَ المُستبِدِّينَ راكباً ... من الحقِّ متنْاً يُوضِحُ السمْتَ لاحِبُهْ
تلطفتَ بالغاوِي فَطَوْراً تُلِينُهُ ... وحيناً تُصَاديهِ وآنًا تُغالبُهْ
َجَلوْتَ عَمَاياتِ القلوبِ فأبَصَرتْ ... وزِيحَتْ عنِ الُّلبِّ السليمِ غيَاهبُهْ
ودافَعْتَ عن ذاتِ الإلهِ بِعَزْمَةٍ ... متى رامتِ الجبَّارَ صاحت نوأدبهْ
وأوصيتَ خيراً بالكنائِسِ مانعاً ... ذَوِيها، وجيْشُ الحقِّ تمضي قَوَاضِيُهْ
صَقَلْتَ حواشي الدهرِ فانْصَاعَ طَيِّعاً ... وأذْعَنَ لا تَسْرِى بِشَرٍّ عقارِبُهْ
وَقلَّمتَ أظْفَارَ الزمانِ فأعرَضَتْ ... عن الضارِعِ المسكينِ تَنْأَى مصائبُهْ
وذي أَشَرٍ أنَعْمتَ بالخيرِ قَلبَهُ ... وقد أُنعمَتْ بالشَّرِّ قَبْلاً تَرَائبُهْ
وذي دُرْبَةٍ رازَ الزمانَ تَركْتَهُ ... كَذِي الجهل ما أجدَت عليه تجارِبُهْ
وَغَضْبَةِ حقٍّ في عُلَى العُرْبِ غادرتْ ... عدوُّ بني عدنانَ سُفْلا مراتِبُهْ
وَفيْلَقِ ظُلمٍ سَارَ كالبحرِ زاخراً ... يَجْرٌّ بهِ ذَيلَ الغوايةِ ساحبُهْ
بَعثت به جيشاً من الرُّعْبِ فارْعَوَى ... تضيقُ بهِ أجْوَاؤُهْ وسباسِبٌهْ
يخِفُّ إليك الدارعونَ مخافَةً ... وقد أمنَتْ أطفالُهُ وكواعِبُهْ
تحوطُكَ من عُلْيا قُرَيْشٍ عصابةٌ ... لها الفَلَكُ الدوَّارُ تعنُو ذوائبُهْ
جَرَرْتَ بهم ما بين شَرْقٍ ومغرِبِ ... كتائِبَ عزمٍ نائيات رغائبُهْ
إذا مرَّ منْهُمْ موكِبٌ لاحَ موكِبٌ ... تمُجُّ زُعَافَ الموتِ صِرْفاً مَقَانبُهْ
بكلِّ َفتى ماضِي العَزَائِمِ لَهْذَمٍ ... إذا اعتَزَّ شَأْنُ العُرْبِ يعتَزُّ جانبُهْ
يرُومونَ مَجْداً لا تنى عزَماتُهُمْ ... عن المجدِ حتى يدرِكَ المجدِ خاطِبُهْ
دفعتَ بهم في وَجِه كلِّ عظيمةٍ ... فخاضوا إليها الموْتَ دُهْماً مسارِبُهْ
فأَسْأَرْتَ للأَقْوَامِ في كل وِجهَةٍ ... جَداً لم تَشُبْهُ بالأذَاةِ شَوائبُهْ
وغادرْتَ للإسلام صَرْحاً مَمرِّداً ... تُناطحُ أعنانَ السَّماء مناكِبُهْ