للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صميمها للياندر، والذي أثاره فيها سهم كيوبيد، ولم إلا أن تنهر العاشق الملّح لينصرف، ولكنه ما يزداد إلا تعلقاً بها، وتشبثاً بما طلب إليها، ورجاها فيه، وتكون هيرو قد بلغت حالةً بين الهيام والإشفاق لا تحتمل، فتهمس إليه أن ينتظر حتى ينصرف الناس؛ فإذا انصرفوا، خلت إليه، وحدثته حديثاً موشى بالورد، مبللاً بدموع الحب، يختلط فيه أنين الآهات برنين الموسيقى. وتذكر له أن اتصالهما سيظل حباً في حب، وبكاءً في بكاء، ولوعةً في إثر لوعة، وزورة مختلسة تعقبها زورة مختلسة: (لأني راهبة كما تعلم، وأنا خادمة هذا لهيكل الفينوسي المقدس، وسأظل عذراء أبد الدهر، فلن ينتهي حبنا إلى هذا الزواج الذي أوثره وأتشهاه. فإذا كان الغسق يا حبيبي، وتألق النجم في كبد السماء يردد أنَّاتنا، فاقصد إلى شاطئ البحر عند أبيدوس، وأخلع ملابسك، ثم خض عباب الهلسبنت حين أعطيك إشارة من مصباحي، حيث أكون في برج قصرنا المشرف على البحر عند أقصى حدود سيستوس. فإذا وصلت، وستصل سالماً في رعاية فينوس، فهلم إليَّ فير البرج نلتذ آلام الحب، ونتغنّ أشجان الهوى، واضعة رأسي على صدرك أو واضعاً رأسك على صدري، شاكيين إلى الآلهة ما بنا من برحٍ حتى يطلع الفجر فنفترق، وتعود أدراجك إلى الشاطئ الأسيوي سابحاً، فإذا كان غد، عدت إليَّ لأفني فيك وأغمرك بالقُبل ولأ قرأ نفسك، وتقرأ في نفسي، كتاب الحب وآي الطهر. . . وبوركت فينوس!).

ولقد آثرت هيرو خطة الحذر في صلتها الغرامية بلياندر، لأن شطئان الهلسبنت كانت حرماً على السفائن والزوارق وسائر الجواري بعد ساعة من غروب الشمس، فلو قدر كب زورقاً وعبر به البوغاز، لعرَّض نفسه لأخطار جسام من بينهما عقوبة الإعدام دون محاكمة! لذلك لم يكن بد من أن يقطع البحر سابحاً كما رسمت له هيرو

(معبودتي! سأخوض العباب في سبيلك)

(وأطوي بحار الجحيم لو أنها تحجزني عنك)

(فلا الموج جياشاً باللهب، ولا الأعماق تقذف باللحم)

(ولا الفزع الأكبر في الأرض أو في السماء؛ ولا هذا ولا)

(ذاك يحول دون لقائنا يا معبودتي!)

فلما كان غد، وتوارت الشمس بالحجاب، وأقبل ليل العاشقين بشكواه ونجواه، يم لياندر

<<  <  ج:
ص:  >  >>