شطر البحر، ووقف فوق رمال الشاطئ كأنه يعدها، ولبث يرقب البرج على العدوة الأخرى، وفي قلبه أمل مضطرب، وفي نفسه قلق مستمر، وملء يديه منى تملأ العالم بأسره!
وظل يذرع الشاطئ جيئة وذهوباً، وهو حين يروح أو حين ينثني، يحملق في البرج المشيد لا تريه عيناه عنه. وكانت الرياح تدمدم في جنبات الآكام الممتدة على الساحلين، والموج يزخر في غيران طوروس الشامخة، والبحر يقذف سراطينه على الكثبان البعيدة النائية، والسحب تتجمع وتتفرق كأنها موج الظلماء في خضم السماء. . .
وفجأة لمح لياندر بصيص النور في كُوى البرج الشاهق، فانفلت من ثيابه كأن الشعاعة تجذبه، ولم يعنه أن يمزق هذا الكم ويشق ذاك الجيب، ولم يبال أن يقذف بالقميص هنا وبالبرد هناك؛ ثم ينقذف في الماء ويأخذ في سباحته، ترفعه موجه حتى يحسب أنه يمسك النجم ويلمس السماء، وتخفضه موجة حتى ليخال البحر ينشطر بحرين، وهو في أعماق يؤانس التريتون، ويجالس الأوسايند!!
وكانت فينوس تنظر من علياء الأولمب وتلهو. . .
وما برح يصارع البحر والبحر يصرعه، وما برح يتقدم إلى أمام ويسحبه التيار إلى الوراء، وكلما خانته قواه نظر إلى البرج يتزود من بدره قوة، ومن القُبل الحارة التي تنتظره ثمة دفئاً ونشاطاً مجدداً!
وبلغ الشاطئ. . .
ووجد هيرو تنتظره كأنه الأمل المرتقب، والمُنية المرتجاة، فهرعت إليه استقرت في حضنه، ولبثت تتسمَّع إلى دقات قلبه الواجف الذي يخفق لأول مرة بموسيقى الحب!. . .
(وأمتد فم الفراشة المرتجف، يرشف رحيق القُبلة الأولى من الثغر الحبيب الذي تفتحت عنه جلنارة الحب)
وتمزقت السحب وتكشفت السماء، وأطلت النجوم ترنو إلى العاشقين المدلهين يتباثان ويتشاكيان، ويأخذان في لذة الهوى الطاهر، ونعيم الحب البريء. . .
وكانت فينوس تنظر من علياء الأولمب وتلهو. . .
ونسمت في الأفق الشرقي أنفاس الفجر، فنهض الحبيبان يودع أحدهما الآخر، ويتزودان