النبيلة التي أحبها حباً لا يعادله حب ولا يتطاول إليه محب. فإن أسلمتموها إليَّ ألقيت إليكم السلم، وما لي عليكم سبيل، وإلاّ فلن تجدوا عن الهلاك محيصاً)
فتقدمت إليه الفتاة وفي مآقيها دموع. قال:(لا تبكي يا فتاتي، فلقد ساقني إليك حبي ومناك. ولن يعدل هذا الحب ما يسوقه إليك باسيمونداس من أعز ما يساق إلى الأزواج). وفصلت عن وجه الفتاة ابتسامة شقت طريقها إلى قلب الفتى من بين الدموع. وأخذ بيدها إلى سفينته واتخذ سبيله في البحر سرباً، حتى أشرف على جزيرة كريت أن كان له فيها أخوان وخلان، ولكن تنكرت له الأقدار ولم ينعم بهذا النصر طويلاً. فما أقبل الليل حتى أقبلت معه عاصفة نكباء، ترسل حسباناً من السماء، وطوحت بالسفينة بين شطى اليأس والرجاء، حتى ألقت بها في أحضان خليج صغير ينفرج عنه جزء من ساحل رودس على مرمى قوس من مستقر السفينة الرودسية، وما كادوا يستقرون حتى قدم باسيمونداس في فئة من أصحابه وفي أيديهم السلاح وهاجموا الفتى سيمون ومن معه وساقوهم أسرى إلى قاضي القضاة في رودس
وحوكم الفتى على ما أقترف فحكم عليه قاضي القضاة بالسجن خالداً فيه أبداً وقيد إلى السجن ذليلاً حسيراً
هنا فتانا تبرح به الآلام، وتمزق جلده الأغلال، وهناك باسيمونداس غارق في بحار الآمال ينعم بتحقيق المنى، ويعد العدة لزفافه إلى ايفيجينا. ولنترك الخصمين الآن، أحدهما يشقى بآلامه، والآخر ينعم بآماله
وكان لباسيمونداس أخ أصغر منه (هرمسداس) وكان يعلل النفس بالزواج من فتاة موفورة الحظ من الجمال أسمها (كسندار) أغرم بحبها وأخذت بشغاف قلبه. وكان ينازعه في الحب قاضي القضاة قضى على فتى هذه القصة يسجن أبداً. ولقد حسب الأخوان أن سينعمان بزفافهما إلى عروسيهما في ليلة واحدة، وأعد العدة في ثقة واطمئنان لهذا الغرض. ولكن قاضي القضاة لا يهدأ له بال، ولا يزال يحتال للأمر من كلُّ وجوهه وقد عقد العزم صادقاً على أن يحظى بالفتاة دون هذا الفتى (هرمسداس). ولكن كيف السبيل؟ أيختطفها؟ وهو قاضي القضاة؟ هذه عزة منصبه، وهذا شرف مكانته، يأبيان عليه هذه الفعلة النكراء، أم يقهر في نفسه سلطان الحب ويكظم الغيظ ويصبر على الكمد؟ إن سلطان الحب لقوي، وإن