للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأنه هو مقنع، ولكن بأنها هي مهيأة للاقتناع. . .

وفي تلك الأحوال لا يكون الرجل إلا مغفلاً في رأي المرأة إذا هو احبها ولم يكن محتالاً حيلة مثله على مثلها ويظل في رأيها مغفلاً حتى يخدعها ويستزلها، فإذا فعل كان عندها نذلاً لأنه فعل، وهذه حرية رابعة في لغة المرأة الحرة والزواج الحر والحب الحر!

وأنظر - بعيشك - ما فعلت الحرية بكلمة (التقاليد)، وكيف أصبحت هذه الكلمة السامية من مبذوء الكلام ومكروهة حتى صارت غير طبيعية في هذه الحضارة، ثم كيف أحالتها فجعلتها في هذا العصر اشهر كلمة في الألسنة يتهكم بها على الدين والشرف وقانون العرف الاجتماعي في خوف المعرة والدنيئة والتصاون من الرذائل والمبالاة بالفضائل؛ فكل ذلك (تقاليد). . وقد أخذت الفتيات المتعلمات هذه الكلمة بمعانيها تلك، واجرينها في اعتبارهن مكروهة وحشية، وأضفن أليها من المعاني حواشي أخرى، حتى ليكاد الأب والأم يكونان عند اكثر المتعلمات من (التقاليد). . أهي كلمة أبدعتها الحرية، أم أبدعها جهل العصر وحماقته وفجوره وإلحاده؛ أهي كلمة تعلقها الفتيات المتعلمات لأنها لغة من اللغة، أم لأنها من لغة ما يحببن. .؟

(تقاليد). . .؟ فما هي المرأة بدون تقاليد؟. . أنها البلاد الجميلة بغير جيش، أنها الكنز المخبوء معرضاً لأعين اللصوص تحوطه الغفلة لا الرقابة. هب الناس جميعاً شرفاء متعففين، فإن معنى كلمة (كنز) متى تركت له الحرية واغفل من تقاليد الحراسة، أوجدت حريته هذه بنفسها معنى كلمة (لص). .

قال صاحبنا: أما الفتاة المحررة من (التقاليد). . كما عرفتها فهي هذه التي أقص عليك قصتها، وهي التي جعلتني أعتقد أن لكل فتاة رشدين يثبت أحدهما بالسن ويثبت الآخر بالزواج. ولو أن عانساً ماتت في سن الخمسين أو الستين لوجب أن يقال: إنها ماتت نصف قاصر! ولعل هذا من حكمة الشريعة في اعتبار المرأة نصف الرجل، إذ تمام شرفها الاجتماعي أن يكون الرجل مضموماً إليها في نظام الاجتماع وقوانينه؛ فالزوج على هذا هو تمام رشد الفتاة بالغة ما بلغت

أساس المرأة في الطبيعة أساس بدني لا عقلي، ومن هذا كانت هي المصنع الذي تصنع فيه الحياة، وكانت دائماً ناقصة لا تتم ألا بالأخر الذي أساسه في الطبيعة شان عقله وشان قوته.

<<  <  ج:
ص:  >  >>