للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولقد عهد في السنوات الأخيرة إلى المعلمين بمدارسنا بمراقبة الجمعيات المدرسية، ولكن هذه الجمعيات أنشئت دون أن يفسح لها موضع من أوقات الطلاب والمدرسين المغلولي الأيدي في المناهج الطويلة، فلم تجتذب من الطلاب إلا القليلين، وزهد في رقابها المدرسون لأنها جاءت زيادة على أعمالهم المتراكمة، فلم تؤدي تلك الجمعيات الأغراض المنشودة، ولم تكن غير إرهاق على إرهاق، وستظل كذلك ما لم تزحزح المواد الدراسية عن مكانها القدسي الذي تتبوأه في مدارسنا

هذا، وليس أن يطلب من المدرس أن يكون مثلاً أعلى في الإنسانية، أو بحراً في العلم، أو نصف آله، لكي يؤدي مهمته في تربية الطلاب الخلقية والاجتماعية، بل يكفي لينهج بهم النهج القويم أن يكون مستقيم السيرة متنور الذهن مخلصاً في عمله، وهذا هو الغالب بين مدرسينا، وما يحتاج الأمر ألا إلى رفع عبء المواد الدراسية التي تثقل كواهل المعلمين والمتعلمين وتشغل كل أوقاتهم، وإفساح المكان لمجتمع في المدرسة يكون صورة صغيرة للمجتمع العام خارجها

إن إيجاد هذا المجتمع الحي الراقي بين جدران المدرسة هو الوسيلة الوحيدة لنجاح مهمتها، وإعداد الناشئين للمجتمع الأكبر خارجها، وترقية ذلك المجتمع الخارجي جيلاً بعد جيل، ولن تؤدي مدرسة مهمة التربية حتى يحيا الطلاب فيها حياة اجتماعية، ولن يؤدي المعلم واجبه حتى يمنح الفرصة لمخالطة طلابه مخالطة الإنسان المستنير للإنسان المستنير، ويحل هذا محل العلاقة الإلية الجافة القائمة بينهما اليوم، وبهذه الحياة الاجتماعية المدرسية يؤدي المدرس وظيفته (الروحية) التي أشار أليها تقرير معالي وزير المعارف

فخري أبو السعود

المدرس بالعباسية الثانوية

<<  <  ج:
ص:  >  >>