لذلك لم يكن غريباً أن يعنى الخلفاء والأمراء بكتابة أسمائهم على هذه الأقمشة الثمينة بلحمة من الذهب أو الفضة أو الخطوط المتعددة الألوان تخليداً لذكراهم ووثيقة لمن خلعت عليه إظهارا لرضاء الأمير، أو على تولي إحدى الوظائف الكبرى في الدولة
وكانت الكتابة على الأقمشة تشمل اسم الخليفة وألقابه وبعض عبارات الأدعية، وكثيراً ما كان يذكر فيها اسم المدينة التي فيها الطراز، واسم الوزير، وصاحب الخراج، وناظر الطراز، ومثل ذلك ما كتب على قطعة نسجت للخليفة الأمين محفوظة الآن بدار الآثار العربية ونصه (باسم الله بركة من الله لعبد الله الآمين محمد أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، مما أمر بصنعته في الطراز العامة بمصر على يدي الفضل بن الربيع مولى أمير المؤمنين)
أما الصناعة الأهلية فكانت تحمل ضرائب فادحة وتعاني رقابة الحكومة في مراحلها المختلفة، فكان لزاماً أن تختم الأقمشة بالخاتم الرسمي، ولم يكن يتولى البيع أو التجارة ألا تجار تعينهم الحكومة، وعليهم تقييد ما يبيعونه في سجلات رسمية، كما كان لف الأقمشة وحزمها وربطها وشحنها يقوم به عمال حكوميون يتناول كل منهم ضريبة معينة
وقد لوحظ أن المراكز الرئيسية لصناعة النسج في مصر كانت في اكثر الأحيان الجهات التي يكثر فيها الأقباط؛ وكان القطن والكتان ينسجان في البلاد المصرية المختلفة ولاسيما في الدلتا يتنيس والإسكندرية وشطا ودمياط ودابيق والفرما، كما اشتهرت أيضا بنسجها مدينة البهنسا
أما الأقمشة الحريرية فكانت تنسج في الإسكندرية وفي دابيق؛ وكانت هناك أيضا مصانع للنسج في مدينتي اخميم وأسيوط اللتين كانتا مركزين هامين لصناعة النسج في العصر القبطي، وكانتا تصدران إلى بيزنطة والى بابوات روما كثيراً من الأقمشة النفيسة التي كان يوهب جزء كبير منها إلى الكنائس والأديرة وأما الحرير الصافي فالظاهر أن المصانع المصرية لم تشتغل بنسجه قبل عصر المماليك
وقد كان متحف فكتوريا والبرت بلندن، والقسم الإسلامي من متاحف برلين، يفتخران بامتلاكهما اكبر مجموعتين من الأقمشة الإسلامية النفيسة، حتى كشفت دار الآثار العربية في السنين الأخيرة عددا كبيرا جدا من القطع في المقبرة القديمة بين عين الصيرة