والبساتين، إذ كانت الجثث في المقبرة المذكورة ملفوفة في أقمشة على بعضها أسماء خلفاء عباسيين أو فاطميين، وأصبحت دار الآثار العربية بعد هذه الاكتشافات أغنى متاحف العالم في الأقمشة الإسلامية، كما كانت أغناها في الخشب وفي مشكوات المساجد المموهة بالمينا
واكبر الظن أن اكثر ما وجد في الحفريات المصرية من منسوجات قد صنع في مصر نفسها؛ ولسنا نجهل أن الاتصال كان كبيراً بين سورية ومصر في العصور القديمة، وان هذا الاتصال لم يضعف في العصر الإسلامي ألا في فترات قصيرة، وان مقادير كبيرة من الزجاج المموه بالمينا ومن الأواني النحاسية المكفتة بالفضة نقلت إلى مصر، وأنه من المحتمل أن يكون ذلك قد قدر لبعض المنسوجات، لان مصر نفسها كانت من اكبر المراكز لصناعة المنسوجات في الشرق الأدنى
وكانت كذلك صقلية خاضعة للخلفاء الفاطميين في شمال أفريقية، ثم ضم الفاطميون إلى ملكهم مصر وسورية، وكانت صناعة النسج زاهرة في جزيرة صقلية حين حكمها العرب، حتى لقد يصعب كثيراً التمييز بين الأقمشة المنسوجة في مصانعها والأقمشة المنسوجة في مصر وسورية. وان صح ما ذكره المقريزي من أن ابنة المعز لدين الله تركت ثلاثين آلف قطعة من نسج صقلية فإن ذلك يدل على كثرة ما كانت تنتجه المصانع الصقلية، ويثبت أن مصر كانت تستورد منها بعض الأقمشة النفيسة، ولكنا نستبعد أن تكون الواردات من الأقمشة الأجنبية إلى مصر قد بلغت شيئاً كثيراً ومهما يكن من شيء فإن تطور صناعة النسج المصرية كان بطيئاً في القرون الثلاثة الأولى من الهجرة، وظلت الزخارف والتقاليد الفنية القبطية غالبة في العصر الإسلامي، فترة قطعاً كثيرة من الصوف أو الكتان ذات زخارف متعددة الألوان أكثرها طيور أو حيوانات أو أشكال آدمية صغيرة في جامات بيضيه الشكل أو متعددة الأضلاع وفيها أشكال هندسية أولية وخطوط متقاطعة ودوائر متماسة، وقد يكون على بعضها صور طيور متقابلة، أو يولي كل منها الأخر ظهره، وكل هذه القطع عليها مسحة قبطية ظاهرة، أكثرها منسوج بطريق (التابستري) - التي لا مجال هنا لشرح تفاصيلها الفنية وتظهر الكتابة على المنسوجات في القرن التاسع، بل هي تظهر في القرن الثامن، وان لم يكن لدينا من دليل يؤيد ذلك ألا القطعة المحفوظة بمتحف فكتوريا والبرت والتي عليها اسم (مرون أمير المو. .) وفي اعتقادنا أن المقصود هنا