المعاصرة وتتبع عوائدها وتقاليدها، وتوصلت من ذلك إلى نتائج سارة
وشيقة للغاية. ومن أهم من عنوا بهذه الطريقة اجتماعيان إنجليزيان
معاصران، وهما فريزر وتيلور اللذان كتبا في خصائص الشعوب
مجموعة أبحاث قيمة
يضيق بنا المقام من أن نترجم ترجمة كاملة لفريزر تلميذ جامعة جلسجو، وأستاذ الاجتماع في ليفربول وكمبرج، وأحد رجال القانون والمحاماة في لندن. نشأ هذا العالم متشبعاً - ككل اتباع ميل وسبنسر - بفكرة أن الظواهر الاجتماعية خاضعة لقوانين ثابتة، وزاد على أساتذته أن هذه القوانين ممكنة الصوغ والتحديد إذا درست خصائص الشعوب المختلفة، ولاسيما الهمجي منها. فعلى ضوء هذه الدراسة الموازنة يمكننا أن نبين الأدوار المتتالية التي مرت بها فكرة من أفكار الجمعية، وان نقف على منشأ هذه الفكرة وكيفية تطورها. وقد تخصص فريزر في هذا النوع من البحث، وتناوله من نواح شتى في أسلوب جذاب، وعبارة عذبة، وخيال رائع، ومادة غزيرة تشهد بإطلاع واسع وعمق كبير، لهذا يعد اليوم - في حق - من اكبر العلماء المبرزين في خصائص الشعوب ويدور بحثه بوجه خاص حول الديانات في رسومها وطقوسها لدى الشعوب القديمة والحديثة؛ وله في ذلك مؤلفات عديدة أهمها: التوتيمسم والغصن الذهبي ذلك الكتاب العظيم الذي ترجم كله أو أجزاء منه إلى الألمانية والفرنسية والإيطالية. وغني عن البيان أن أبحاثا كهذه تتصل اتصالاً وثيقاً بالخرافة التي لبست ثوب الدين في كثير من الجمعيات الإنسانية.
نستطيع أن نقول - دون أن نخشى أية معارضة - إن فريزر أضحى أستاذاً غير منازع في موضوع الخرافة، درسه في رغبة أكيدة فأجاد درسه، وقلبه على وجوهه العديدة فلم يدع مجالاً لمن جاء بعده. لم يعن بالخرافات المشهورة فحسب، بل تعداها إلى خرافات ثانوية مقصورة على بعض الشعوب؛ فهو إلى جانب دراسته للسحر والشعوذة وصكوك الغفران وما أشبهها، يعرض لبعض الأعمال الخرافية المتصلة بالطعام والشراب. وبالجملة ليس ثمت كتاب من كتبه إلا وفيه تحليل لخرافة من الخرافات وشرح لسلطانها على المجتمع. ولئن كان قد أعلن أعلانا كافياً عن مضار الخرافة وسيئاتها، فهو لم ينس نفعها وحسناتها؛