طبقات سامية، وينعمون بسلطان سحري خارق للعادة؛ وأذ كانوا كذلك وجب على المحكومين أن يخضعوا لهم دون إبداء آية ملاحظة. فلدى سكان جزائر السود في أفريقية يزعم الناس أن الرؤساء قوى غير طبيعية استمدها من الملائكة والجن المتصلة بهم اتصالاً وثيقاً. وفي هذا سر نفوذهم؛ فمتى ضعفت هذه العقيدة فقد الرئيس كثيراً من سلطانه. ويعتقدون كذلك أن الحاكم أو الوالي يستمر بعد موته في سهره على رعاياه، ويعاقب بالجدب والغرق والصواعق إن أخطئوا ولم يقدموا القرابين لجدثه. ويعتبر الرؤساء السياسيون في زيلندة الجديدة كآلهة أحياء مقدسة في مختلف أجزائها بحيث لا يستطيع أحد الاعتداء عليها، وإذا قدر لمحارب أن يقتل أحد هؤلاء الرؤساء، سارع إلى عينيه فاقتلعهما وابتلعهما ليأمن شر ما يحيط به من أرواح خفية، ذلك لأنه يظن أن هذه القوى تسكن هذين العضوين ويقول بعض الأمراء الزيلندين. . (لتظن أنى رجل وأني من هذا العالم الأرضي، كلا فأنى نزلت من السماء حيث يسكن آبائي الآلهة، وسأعود إليهم يوماً). ويروون إنه بينما زيلندية تتذوق خوخة جميلة انتزعتها من سلة تحملها، علمت إنها نبتت في مكان مقدس، فاسقط في يديها وصاحت بالويل والثبور وأنها لابد هالكة لغضب الآلهة عليها وحكام ذلك المكان المقدس؛ وما اصبح الصباح إلا وقبضت روحها. ويعتقد سكان أفريقية الغربية أن حياتهم وأموالهم ملك لأمرائهم يتصرفون فيها كما يشاءون. وفي مقدور هؤلاء الأمراء أن يكسفوا الشمس ويخسفوا القمر وينزلوا المطر من السماء، لذلك يلجأ الأهلون إليهم إن ضاقت بهم الحال أو أقفرت عليهم الأرض
لم يقف أمر هذه العقائد الخرافية عند القبائل البدوية الموجودة في أفريقيا وأستراليا وأمريكا، فقد اعتنقها من قبل الشعوب المتحضرة القديمة. فقدماء المصريين كانوا يقدسون ملوكهم ويصعدون بهم إلى اصل سماوي، وإذا نقصت حاصلاتهم أرجعوا ذلك إلى غضب المليك عليهم. وفي قوانين مانو الهندية كتبت العبارة الآتية (إن الملك بفضل سره الخارق للعادة، نار وهواء، وشمس وقمر). وكان اليونان في عهد هومير يعدون ملوكهم ورؤساءهم آلهة أو كالآلهة. وما لنا نذهب بعيداً وفي التاريخ الحديث ما يؤيد بعض هذه الخرافات؟ فقد كان عامة الإنجليز يستشفون بملوكهم إلى عهد قريب، فإذا لمس الملك مريضهم برئ لساعته، واستمرت هذه الخرافة إلى أخريات القرن الثامن عشر إذ كان يعالج روبير