للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومما يدل على أبهة هذا الكنيس النفيس إن محرابه القائم في صدره قد كان يزهو بطنافس فارس الجميلة، وتبصر على جانبه صورة شمعدان من الذهب ذي سبع شعب، في كل شعبة منها شمعة تبدد بعض ظلام الكنيس؟ وكانت مقاعد المصلين مغشاة أيضا بالطنافس كما استدل علماء الآثار على أن سماءه (سقفه) كانت مشيدة بالقرمد المزين المنقوش، وكانت أرضه مفروشة أيضا بنفائس الطنافس

هذا ولئن كانت الأمم تقاس برجالها، والرجال توزن بأعمالها، فقد حق علينا أن نختم هذه الكلمة بكلمة أخرى عادلة في شكر من كان سبباً لحفظ هذا الكنيس في بلادنا ولإعادة بناءه في دمشق غداً، وهو صاحب المعالي وزير معارفنا الهمام السيد حسني البرازي، فقد حاولت بعثة الحفر والتنقيب الأمريكية أن تستأثر به وتحرم من الانتفاع به تلك الأمة التي نبش من ترابها، لينبئ عن عمرانها وأحوال أديانها وآدابها، وكادت تفلح لولا جهاده الميمون وحسن مساعيه لدى المفوضية التي حققت بأخرة أمنيته، فخدم بذلك اجل خدمة بلاده أمته: ذلك لان هذا الكنيس المنقطع القرين لم تفتح العين على مثله بعد، ولهذا يقدر بعض علماء الآثار ثمنه بأكثر من مليون جنيه، ويعدونه استثناء اثرياً لقواعد الكنائس اليهودية التي تحرم التصوير، وما كانت صورة هذه المحرمة بعظيمة الخطورة لدارسي تاريخ الشريعة فحسب، إذ هي لدارسي تاريخ الفن اعظم خطراً، وابلغ لعمري آثرا

دمشق

عز الدين التوخي

كاتب سر المجمع العلمي العربي

<<  <  ج:
ص:  >  >>