رائحة الطباق. وزاد منه سالماً أنه وجد أن الباحث العالم في البيرة لابد له من أن يكون ذواقاً حكيماً لها. ووجد كذلك البيرة الجيدة تحتاج في صناعتها إلى أمور أخرى غير منع المكروب من دخولها. وكان لعلم الفيزياء أستاذ يدعى برتان كاد يضحك من بستور لكراهيته إياها. كان بستور كلما أراد مذاقها جعد من انفه الأفطس، وغاص بشاربه في كوزها الراغي، وبلغ في عسر وكآبة ما تحتم بلعه من جرعاتها. كره البيرة ما فسد منها وما طاب. أما صديقه الفيزيائي فكان يلعق شفتيه بعد شربها ويصفقهما، ويتهلل وجه بشرا وتمتلئ أساريره خبثاً وهو يضاحك بستور فيها، لأنها بيرة ذاقها بستور وحكم عليها بالفساد. حتى لضحك منه مساعده الشاب، ولكنه لم يجرؤ بالطبع أن يضحك في وجهه. مسكين بستور! كان باحثاً قديراً، ولم يكن فيه جمود، ولم يكن فيه ركود، وكان سريع التحول، سريع التشكل للظروف، سريع الألفة لكل جديد - إلا البيرة. فحب البيرة كأنه يخلق ولا يكتسب. واللسان الذواق للبيرة تجود به الطبيعة على قليل من الناس، كالأذن الموسيقية ليست متاعاً لكل أحد
ومع هذا فلست أنكر أن بستور أعان صناعة البيرة الفرنسية إعانة كبيرة، وقد شهد بهذا الخمارون أنفسهم، أما الذي أتشكك فيه فهو الذي يقول به أحبابه ومريدوه وعباده من إنه رفع البيرة الفرنسية فجعلها ند الألمانية. على أني لا أنكر ذلك عليه، ولكني أود لو عرضت هذه الدعوى على لجنة تحكيم من تلك اللجان العادلة الدولية الوقورة، من تلك اللجان الذي كان بستور نفسه يقترح على الدنيا أن تلجأ إليها كلما أزمته خصومة لتقضي له أو لخصمائه اللعينين. . .