لا عد إذن إلى ما زعمته من تمييز بين الطبائع التي ليست أضدادا وهي مع ذلك لا تقبل أضدادا: فكما في هذا المثال: على الرغم من أن ثلاثة ليست مضادة للزوجي أبدا، ولكنها دائماً تعرض الضد في الجانب الأخر أو كما أن اثنين لا تتقبل الفردي، أو النار البرودة. ومن هذه الأمثلة (ومنها كثير غير هذا) ربما استطعت أن تصل إلى نتيجة عامة أنه ليست فقط الأضداد هي التي لا تتقبل أضدادا، بل كذلك لاشيء مما يسوق الضد يقبل ضد ما يسوقه فيما سيق إليه. واسمح لي هنا أن ألخص ما سبق من قول - فليس في التكرار من ضرر، لن يقبل العدد خمسة طبيعة الزوجي، اكثر مما تقبل عشرة، وهي ضعف الخمسة، طبيعة الفردي - ولو أن الضعف ليس مضاداً للفردي تضاداً دقيقاً، غير أنه يرفض الفردي أجمالا. ولن تقبل أجزاء النسبة ٢: ٣ فكرة الكل، وكذلك أي كسر يكون فيه نصف، لا بل والذي يكون فيه ثلث، ولو إنها ليست مضادة الكل، هل تسلم بذلك؟
فقال: نعم أنى متفق تماماً، وذاهب معك إلى ذلك
قال: أظنني الآن أستطيع أن أبدأ ثانياً، وأني لأرجوكم أن تدلوا إلي عن هذا السؤال الذي أوشك أن ألقيه، بجواب غير الجواب القديم المأمون، وسأقدم لكم لما أريد مثالاً، وعسى أن تجدوا أساسا أخر فيما قيل الساعة تواً يكون مأمونا كذلك، أعني أنه لو سألكم أحد:(ما هو الشيء الذي يجعل الجسم حاراً بحلوله فيه؟) فستجيبون أنه ليس الحرارة (وهذا ما ادعوه بالجواب المأمون)
ولكنه النار، وهو جواب يفضل ذلك كثيراً، ونحن الآن مهيئون للإدلاء به. أو لو سألكم أحد:(لماذا يعتل الجسد؟) فلن تقولوا من المرض بل من الحمى، وفي مكان القول بان الفردية هي سبب الأعداد الفردية ستقولون إن الجوهر الفرد هو سببها. وهكذا في الأشياء بصفة عامة. احسب انك ستفهم ذلك فهماً جيداً بغير أن أسوق إليك أمثلة أخري؟