في مَحفِلٍ تخفق راياته ... قد طَبّق الأرض بأجناده
فأمر له الهادي بألف دينار، وطيب كثير، وكان سخطاً عليه فرضى عنه
فذا صحت هذه الرواية فلابد أنه عاد فسخط عليه حين رآه لم ينقطع عن أخيه هارون، وحين أمر أن يخرج معه إلى الري أبى ذلك، وبهذا تتفق هذه الرواية مع ما قبلها، ولا تكون متنافية معها، وإن كنا نستبعد أن يعنى مثل أبي العتاهية بتهنئة الهادي بذلك المولود في ذلك اليوم، ولا يعنى بتهنئته بهذا الملك الذي صار إليه فيه، فلعل حادثة ذلك المولود كانت بعد يوم ولاية الهادي وبعد رضاه عن أبي العتاهية
وقد عاد مع الهادي بعد رضاه عنه إلى مثل ما كان عليه في عهد المهدي، واتصلت فيه مدائحه، واتصلت من الهادي له صلاته وجوائزه. ومما مدحه به على مذهب أبي نواس في بدء المديح بذكر الخمر ووصف محاسنها:
لهفي على الزمن القصير ... بين الخَوَرْنقِ والسَّدير
إذ نحن في غُرفِ الجنا ... ن نعوم في بحر السرور
في فتية ملكوا عِنَا ... ن الدهر أمثال الصُّقُور
ما منهم إلا الجسو ... ر على الهوى غير الحَصور
يتعاورون مُدامة ... صهباَء من حلب العصير
عذراَء رباها شعا ... ع الشمس في حرَّ الهجير
لم تَدْنُ من نار ولم ... يعلق بها وَضرُ القُدور
ومُقرْطقٍ يمشي أما ... م القوم كالرشأ الغرير
بزجاجة تستخرج الس ... ر الدفين من الضمير
زهراء مثل الكوكب الدُّ ... رَّيَّ في كف المدير
تدع الكريم وليس يد ... ري ما قَبيلُ من دَبير
ومخصّراتٍ زرننا ... بعد الهدو من الخدور
رياً روادفهن يل ... بسن الخواتم في الخصور
غُرُّ الوجوه محجبا ... ت قاصرات الطرف حور
متنعمات في النعي ... م مضمخات بالْعَبير