فأغضت صاحبة الشهادة الابتدائية، وأطرقت حياء ورأت في السؤال تهمة وريبة، فأنّبتها الصديقة وأيقظتها من حيائها، وقالت لها: ألا تزالين شرقية متأخرة. إن لم يسعدنا الحظ أن تكون لنا حرية المرأة الأوربية في المجتمع وفي أنفسنا؛ أفلا يسعنا أن تكون لنا هذه الحرية ولو في أنفسنا؟
ثمّ ردّت على الشاب فأنبأته بمكانها وعنوانها، فأطمعه ردّها فسألها أن تتنزه معه في بعض الحدائق، فأبت صاحبته الابتدائية ولجت عمايتها الشرقية المتأخرة، ورأت في ذلك مسقطة لها، فلوت إلى دارها وتركتهما إنساناً وإنساناً لا فتى وفتاة، وتنزّها معاً، وعرف الشاب الرجعيّ الحب والخمر التي هي تحية الحب
ولم تستطع الفتاة الماكرة أن ترجع إلى دارها وهي سكرى فأوت إلى فندق، وختمت روايتها بأعراض من الشاب أجابت هي عليه بقولها: ألا زلت (متأخراً). . . . .؟
قالت (الطائشة):
نعم يا عزيزي (المتأخر) إن مذهب المرأة الحرة. . . في الفرق بين الزوج وغير الزوج، أن الأول رجل ثابت، والآخر رجل طارئ. والثابت ثابت معها بحقه هو؛ والطارئ طارئ عليها بحقها هي. . . . فإن كانت حرة فلها حقها. . .
قال كاتب الطائشة: وهنا كاد الشيطان يرفع الستار عن فصل ثالث في هذه الرواية، رواية (الطائشة). . .
نقول نحن: وإلى هنا ينتهي نصف الرواية؛ أما النصف الآخر فيكاد يكون قصة أخرى أسمها:(الطائش والطائشة).