للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأقول: (شيء جميل! وكيف يعنيك هذا يا امرأة؟)

فتقول: (يعنيني مصير الغرفة - هذا ما يعنيني يا سيدي - ولست أنوي أن أدعك تقلبها مزبلة فقد ورمت كفاي من العمل فيها)

فأقول: (وماذا تصنع هذه العجوز؟ تأكل وتشرب فقط وتقبض أجرها آخر الشهر؛ وهذه الفتاة الخفيفة لماذا لا أراها تعمل شيئاً غير اللعب مع الأولاد؟ وتلك الثالثة. . . أهو بيت أم دكّان مخدم؟ أريد أن أعرف هذا أولاً)

فتقول: (لا تحاور. إن الكتب لا يمسّها غيري، فإني أخاف عليها التمزيق. .) فأشكرها،

فتقول: (العفو! ولكني أخاف منك على الغرفة فاصنع معروفاً وارجع عنها)

فأسألها: (ولكن كيف أرجع وأنا أريد كتاباً؟)

فتقول: (لا تتعبني. . . من فضلك. . . أرجوك) فأشعر لها برقّة وأقول: (يا امرأة! هل استطعت قط أن أرفض لك رجاء!؟) وأتبعها، وأنصرف عن الكتب والقراءة، وأعزي نفسي بأني كنت سأنصرف لا محال عن ذلك مرغماً، فما أطمع أن أجد كتاباً أطلبه من هنا صار المعقول إني إذا اشتهيت أن أقرأ كتاباً أو أرد أن أراجعه، أن أشتريه، وقد أشتريه، وأضعه على المكتب إلى المساء، فتراه زوجتي فتفتح خزانة وتدسه في صف، وأعرف ما صنعت به، فأشتري نسخة أخرى، ومن أجل هذا أيضاً صار عندي من بعض الكتب ثلاث نسخ أو أكثر.

وقال لي أخي مرة: (يحسن أن ترتب هذه الكتب)

قلت: (يا أخي، كيف أصنع؟)

قال: (أجيئك ببطاقات، تكتب فيها أسماء الكتب مرتبة على حروف المعجم، فإذا طلبت كتاباً، راجعت البطاقات، فسهل عليك إخراجه)

قلت: (رأي سديد - هات البطاقات) فجاءني ببضع مئات منها، ودفع بها إليّ، فنظرت إليها وشكرته ثم قلت له: (أما البطاقات فجاءت، وأما الكتابة فيها فأحسبها تقتضي أن أخرج الكتب واحداً واحداً، وأقيّد أسماؤها، ثم. . .)

فصاحت زوجتي: (لا لا لا لا! أرجو. . . أرجو ألا تفعل. . .)

فالتفت إليها وقلت: (يا امرأة! كيف ترضين عن هذه الفوضى؟ بل لا بد من الترتيب)

<<  <  ج:
ص:  >  >>