للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كثيراً من الخلق المساكين قد استفادوا استفادة كبرى من أعمالك)

ففرح بستور بهذا الخطاب فرح الطفل أنجز تركيب قاطرة فدار بها على إخوانه يريهم ما صنعت يداه. ولم يكتف بهذا بل نشر الكتاب بكل مديحه في المجالات العلمية، وزاد فنشره في كتاب له عن البيرة!! ولم يشاء أن ينقضي هذا الحادث دون أن يلكم إفريمي المسكين لكمة أخيرة، وقد يحسب حاسب أن تجارب بستور كان فيها لإفريمي لكمات مشبعات كافيات. ولم ينل من إفريمي نيلته الأخيرة بذمه، وإنما نالها بمدح نفسه وتمجيد تجاربه والثناء على نظرياته. قال: (إن محك النظريات مقدار أثمارها وكمية نفعها). وصمت إفريمي فلم يحر جواباً

وشغل حديث المكروب أوربا كلها، وعلم بستور إنه هو الذي وجه نظار الناس إلى المكروب وإلى خطورته فلم يعودوا ينظرون إليه نظرتهم إلى اللعبة الغريبة المسلّية، بل عرفوا مقدار نفعه لبني الإنسان واستيقنوا من ذلك، وكانوا على وشك أن يعرفوا مقدار ضرره لبني الإنسان كذلك، وكيف إنه على صغره يعيث فيهم تلصصاً واغتيالاً. وأوّلت فرنسا بستور شرفاً كبيراً إذ نصّبته أول رعاياه. وشرّفته الأمم - حتى بلاد الدانمارك أقام خمارها له التماثيل في معاملهم وأثنوا عليه خيراً ومات فجأة (كلود برنار) فقام أصدقاء هذا الرجل الكبير بنشر مؤلف له لم يبلغ تمامه، وكان مؤلفاً في تخمّر عصير العنب، ختمه برنار بدحض نظرية بستور كلها وعزز دعواه بأسباب عدة، وبلغ بستور الخبر فلم يصدّق أذنيه. برنار يفعل هذه الفعلة! برنار العظيم، جليسه في الأكاديمية ومطريه ومطري أعماله دائماً! برنار الذي سارقه الضحكات وبادله الغمزات وناقله الفكاهات في أكاديمية الطب عن أولئك الأطباء ذوي الثياب الزرقاء، والأزرار النحاسية الصفراء، والأنوف الوارمة والرؤوس الجوفاء، أولئك الأطباء الذين قاموا حجر عثرة في سبيل التجربة الصحيحة إلى الطب والتطبيب! وأخذ بستور يتمم لنفسه: (ناقضني هؤلاء الأطباء الأغبياء، وناهضني أولئك الطبيعيون الحمقى، وكان في هذا من السوء ما فيه. ووازرني العلماء، ومجد إعمالي الكبراء، فما بال برنار يأتي اليوم بالذي أتاه. .؟)

ذهل بستور، ولكن لم يطل به الذهول. وقام يطلب أصول المؤلّف والأوراق ذاتها التي خطّها برنار بيده، فأعطوه إيّاها. فقعد يجمع أشتات فكره لدراستها، فوجد إن ما صنعه

<<  <  ج:
ص:  >  >>