سأشدّ لسانه حتى أنتزعه من غلاصمه. . . إليّ يا سبع نيميا. . . إليّ يا ملك الغابة وسيد وحوشها. . . الساعة ساعتك. . . لا مفر لك يا أبا لبدة!. . . . . . . . .)
وطفق هرقل يرعد كالمجنون؛ وكان سبع نيميا نائماً فاستيقض على هذه الصيحات الداويات، ووثب وثبة هائلة كان بها أمام هرقل، وجهاً لوجه. . .
وبدأت الزوبعة. . .
والتقى الجبل بالجبل، وتصارع الجبّاران ساعة، لا هذا ينال من ذاك، ولا ذاك يصل إلى وطر من هذا. . . وأقبلت وحوش الغابة تشهد المعركة وتتعجب. . . وغضب أبو أسامة، وهالة ألا يقوى على رجل بمفرده يكاد يصرعه. . .
وتعب هرقل. . . ونال منه الجهد، ورأى أن لا بد من آلة، فدار دورة اقترب بها من شجرة باسقة، فانتزعها، وألقى بجذعها في شدقي الأسد، ثم أسرع فقبض على لسانه العظيم فانتزعه، وانقذف الدم يتدفق من هنا وهناك. . . وتسيل به أودية الأرض!!
وكأن نشوة الظفر قد ضاعفت قوة هرقل، فقبض على فكّي الأسد، وشدّ على الرأس الكبير فتحطّمت عظام المخ، وخرّ ملك الغابة يتقلّب في لجة من دمه الغزير!.
وهمهمت الوحوش مشدوهة!
لقد قتل ملكها. . . فلا خوف عليها بعد اليوم! ستكون حرة طليقة، تجيء وتروح، وتقتات لنفسها غير منتظرة ما كان ينبذه لها أبو أسامه!! ونظر هرقل، فرأى سيفه وراء ظهره!!
لقد جاءت به حيرا بعد إذ شهدت من جبروت البطل ما بهرها وتناول السيف باسماً، ثم تقدم إلى الأسد فسلخ جلده الكبير، وأبقى على اللبدة الهائلة، وعاد أدراجه إلى يوريذوس، ملتفعاً دثاره الغريب الذي كان إلى لحظة قريبة يضم جثمان ملك الغابة وسيد وحوشها.
٢ - مع الأفعوان الهائل (هيدرا)
ولقي صديقه يولوس، وتحدث عما كان من أمره مع سبع نيميا، فأخذه العجب، ونذر ليصحبن هرقل في جميع مجازفاته.
ثم فصلا، وما كاد يفعلان حتى قابلهما رسول الملك برسالة تأمر هرقل بالتوجه إلى مستنقعات ليرنا حيث الأفعوان الأرقم هيدرا: (. . . فإذا لقيته ثمّة فعليك به، ولا تعودن إلا برأسه. فقد حدثنا من عرفه إنه لا يبقي على دابة ولا بهيمة، ولا يعفي من القتل أحداً. . .