للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجلال. ولعل كاتباً لم يمثل من قبل قط تطور عصره كما تمثل؛ فقد مثلت في شخصه الديمقراطية التي استطاعت أن تصل إلى الحكم بعد طول النضال؛ وهو شاعرها ولسان حماستها الغنائية، وهو يتنفس آمالها ومخاوفها في كتابه (البؤساء)، ويتنفس غضبها وأحقادها في كتابه (العقوبات) وكان الجو بديعاً فاتراً؛ وفي نحو الساعة التاسعة أتى الموظفون وممثلوا مسيو جرافي رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء بكامل هيئته، وأعضاء الأكاديمية الفرنسية، والجنرال سوسييه حاكم باريس وأركان حربه، واجتمعت الوفود في شارع (الجيش الأكبر) وقد احتلوا شارع نيبي بأكمله

وألقيت طائفة من الخطب منذ الساعة العاشرة؛ منها خطاب مسيو لي روييه باسم مجلس الشيوخ، وفلوكيه باسم مجلس النواب، وجوبليه وزير الداخلية باسم الحكومة، وأميل أوجييه باسم الأكاديمية؛ وكان أروع الخطباء جميعاً ولا سيما حينما صاح بصوت قوي: (ليس هذا دفناً، وإنما هو تقديس).

ثم تحرك الموكب بعد نشيد المارسليز، وعزفت موسيقى الجيش لحناً محزناً لشوبان

وإليك ترتيب الموكب: سارت في الطليعة فرقة من الحرس الجمهوري، ثم سرية من الفرسان، ثم حاكم باريس وحاشيته، ثم الموسيقى العسكرية، فطلبة المدارس، فإحدى عشر عربة تحمل أكاليل الزهر، ثم أربعة من عمال الكوميدي فرانسيز، يحملون وسادة عليها أوسمة المتوفي، ثم نعش المتوفى وهو نعش الفقراء، وإلى جانبه أفراد أسرته وخاصة أصدقائه، مثل جورج هوجو، وأوجست فاكيري، وليو بولد هوجو، وبول فويت، وكاميل بيلاتان، والفونس دوديه، واميل زولا وغيرهم، ثم أعضاء المجمع العلمي في أثوابهم الخضر، ثم أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب بشاراتهم المثلثة اللون، ثم أساتذة الجامعة بأثوابهم الرسمية المختلفة، وأعضاء جمعية الكتاب، وسيل لا نهاية له من الوفود المختلفة

وكانت جوانب الطرق تغص بالجماهير الحاشدة، وكانت النوافذ والأشجار والأسطحة حافلة بالنظارة

وبلغ الموكب البانتيون من شارع سوفلو في منتصف الساعة الثالثة، وقد جلله السواد والأعلام القومية، وهنالك ابتدأت الخطب الختامية، فألقى منها إحدى عشرة؛ وكانت بين الخطباء مسيو أوديه باسم مدينة بيزانصون مسقط رأس الشاعر، ومسيو مادييه باسم

<<  <  ج:
ص:  >  >>