للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

زنده رود:

فتح عينه على نفسه حيناً، ثم وقع في الشرك سريعاً. هو صريع دلال أوربا الفاتنة هام بها فأتبعها، وفتن بزينتها فقلدها، همّه اليوم الملك والنسب، وذكر سابور وتحقير العرب، أوقاته من الواردات خاليه، يطلب الحياة من القبور البالية. تحدث بالوطن مذهل عن نفسه، وترك حيدراً وهام برستمه! الخ

ويقول على لسان إبدالي ملك الأفغان في القرن الثاني عشر حينما لقيه في الجنة

أبدالي:

ذهل الشرق عن نفسه بما قلد الغرب واتبعه، ولابد للشرق أن ينقد الغرب فيفهمه، ليست قوة الغرب من العود والرباب، ولا من رقص الفتيات بغير حجاب، ولا من سحر ورديات الخدود، ولا من الساق العارية والشعر المجدود. وليست هيبة الغرب من نبذ الدين، ولا بهاؤه من حرف اللاتيني. ما قوة الإفرنج إلا العلوم والفنون، وما ضوء مصباحهم إلا من هذه النار. ما الحكمة صورة من الزي واللباس، وما تمنع العلم والفضل عمامة على الرأس؛ إن للعلم والفن أيها الشاب النافر، سراً وراء هذه الظواهر؛ وإنما يغنى في هذه السبيل العين النظارة، لا هذه العمارة أو تلك العمارة؛ حسبك الفكر النفاذ، وناهيك بالطبع الدرّاك. إن ملك المعنى لم يحجره أحد، ولا يناله إلا الجهاد والجلد، لقد غفل التركي عن نفسه، وسكر من الإفرنج رأسه، فشرب من يدهم السم حلو المذاق، وترك عامداً ترياق العراق، ولست أدعو له إلا بالهداية والسداد. إن عبد الإفرنج قد أولع بالظهور، فأخذ عنهم الغناء والفجور، يضني روحه في اللهو والفتون، ويستصعب الجد فيركن إلى المجون. يؤثر السهل إيثاراً لراحته، ويرى في السهل كفاء لفطرته. وإنما طلب السهل في هذه المحن إيذان بأن الروح قد فارق البدن)

ويقول في خاتمة كتابه خطاباً للجيل الجديد:

(آسيا موطن الشمس ومشرقها ترى غيرها وتحتجب عن نفسها، قلبها محروم من الواردات الجديدة، فهي اليوم لاتزن شعيرة؛ وقتها في معترك هذه الدار جامد ساكن لا يلذ التسيار. هي صيد الشيوخ وقنيص الملوك، وغزال فكرها ظالع منهوك. العقل فيها والدين والعلم والشرف والعار من ربقة السادة الإفرنج في إسار. هجمت على عالم أفكارها، ومزقت

<<  <  ج:
ص:  >  >>