للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُمكاً، وإن له لأظافر كأن كل واحد منها جراز هرمز، وإن له لفحيحاً تضيع فيه زمزمة الجن، ومُكاءُ الشياطين!!

وانقلب هرقل على وجهه في الأرض حيران!

أين هي تفاحات هسبريا هذه؟

(أفي الأرض أم في السماء؟ لأمضِ! فرب إله دلني إليها. . . .)

وشرّق وغرّب، وذرع الأرض من أقصاها إلى أقصاها، وانسرق إلى الكهوف والغيران، وأوْقل في الجبال، وتحدّر في القيعان، ومر بكل حنيَّة، ووقف عند كل عين، حتى كان لدى نهر أريدانوس، ووقف بشاطئه يتناجى؛ فخرجت من الماء النمير عرائسه، ورُحن يُسرِّين عن هذا اللاجئ الحزين

وإنه ليسائلهن عن تفاحات هسبريا، فيحدثنه ويتلطفن معه، ثم ينصحن له أن يطلق إلى نريوس إله البحر، عسى أن يهديه إلى ما يريد

ويهيم في الأرض محاذياً سيف البحر، حتى يكون آخر الأمر أمام شيخ هرم، وخط الشيب رأسه، وتدلى شعر لحيته الكث فوق صدره العريض ذي النتوء؛ وبرزت أهدابه حتى لكادت تحجب عينين تزدحم فيهما السنون، وتطل من حدقتيهما الأحداث!

وجده جالساً القرفصاء مُقلِّباً ناظريه في مملكة الماء التي تتصل باللانهاية، فألقى عليه تحية هيّنة، رد عليها الشيخ بهذه العبارة:

(أيها الفتى لم قطعت عليّ تأملاتي؟!)

(فقال هرقل: (أستحلفك بسيد الأرباب يا أبتاه إلاّ ما أخبرتني عن حدائق الهسبريد، فتكون لك عليّ يد أذكرها لك أبد الدهر وأشكرها!)

وتجهّم نريوس وقال: (حدائق الهسبريد! أوْه! أنت هرقل إذن!)

فبهت هرقل وأجاب: (أي وحقك أنا هو، فمن ذكرني عندك!؟)

- (ليس هذا من شأنك يا بني، ولكن لعلك تبتغي تفاحاتها الذهبية؟)

- (أي وزيوس يا أبتاه!)

- (بشراك إذن! فلن يحصل عليها إلا أنت، ولكنك لست أنت الذي ستنفذ إلى حدائق الهسبريد! اذهب إذن فالتمس المسكين برومثيوس مكبلاً فوق جبال القوقاز، فأحسن إليه،

<<  <  ج:
ص:  >  >>